قبل الميلاد بقرابة أربعة قرون شقَّ الفيلسوف اليوناني أرسطوطاليس (382-322ق.م) نهر الدراما بفنِّه وإبداعه غير المسبوق.. وتلاحقت حلقات التاريخ ودوراته وتوالت حتى جاء المبدع الألماني برتولد بريخت -فارس الثورة الدرامية الملحمية- ليُجري تعديلات في مجرى هذا النهر المتدفق من خلال ثورته على الجذور الأرسطية الدرامية، وذلک بعد مولد أستاذه بنحو 22 قرنًا من الزمان.
بعدما أثبت الباحث في الجزء النظري لبريخت تأسيسه المسرح السياسي الملحمي، استهلَّ الجزء الفنيّ والتحليليّ بالأستاذ علي أحمد باکثير؛ لأنه تنبأ بالقضية الفلسطينية في مسرحيته "شايلوک الجديد" عام 1944م.. قبل ميلادها بأربع سنوات. ثم ثنَّى بالمبدع الفلسطينى معين بسيسو (1926-1984م) صاحب القضية الذي عالج قصة شمشون بين التوراة والمسرحية الشعرية. وأعقبه بالکاتب العربي السوري سعدالله ونُّوس (1941-1997م) من منطلق معالجته للقضية بعمق بين التأليف والاقتباس. وختم البحث بالمبدع المسرحي المصري ألفريد فرج (1929-2005م) الذي أعاد الوعي للقضية الفلسطينية. وتلک مجرد نماذج لمعالجي القضية في المسرح العربي ليس إلا.
وفي النهاية لا يسعنا إلا أن نقدم مزيد الشکر والعرفان إلى رواد مسرحنا السياسي وأن نترحم على أرواح من رحل منهم عن دنيانا، والذين أبقوا جذوة القضية متقدةً في عقول وأفئدة أبناء الأمة العربية من المحيط الهادر إلى الخليج الثائر.. داعين مبدعينا المعاصرين واللاحقين إلى مواصلة الکتابة عنها إلى أن يقضى الله أمرًا کان مفعولًا.