أطلقت الأمم المتحدة منذ حوالي عشر سنوات، التنمية المستدامة كمفهوم وخطة عمل للمجتمع الدولي، تقوم على بلورة جميع الجهود الفكرية والعملية للإنسان في سبيل تحقيق نهضته ورقيه؛ ولأن تحقيق أهداف التنمية المستدامة يتطلب جهدًا جماعيًا، تتداخل فيه الفواعل من الدول وما دونها أو فوقها، فإن فلسفات ومنطلقات تحقيق تلك الأهداف قد تنوعت وتعقدت. وتحاول الورقة تتبع المسارات الموضوعية والنظرية لنشأة التنمية المستدامة، ثم بحث أبعادها الرئيسية والفرعية، وخصائصها الجوهرية والنوعية، لفهم أعمق لظاهرة التنمية المستدامة، وتمييزًا لها عن باقي الجهود التنموية، مساهمةً في ترشيد عملية الحشد للجهود التنموية لتحقيق التنمية المستدامة. توصلت الورقة إلى أن التنمية المستدامة حتى تصل إلى ذروة المجهود العقلي والمادي للبشر، مرت بأربع مراحل في مسارها الموضوعية وهي: النمو، الإنتاج، جودة الحياة، الاهتمام بالبيئة، وأربع مراحل أخرى في مسارها النظري وهي: التحديث، التبعية، النظام العالمي، العولمة. وفي سبيل تمييز التنمية المستدامة، عن باقي الجهود والظواهر التنموية، توصلت الورقة إلى أن التنمية المستدامة تنصرف إلى أبعاد رئيسية هي الأبعاد: الاقتصادية، الاجتماعية، البيئية؛ وكذلك إلى أبعاد فرعية هي الأبعاد: المؤسسية، والتكنولوجية، والمعيارية، والنظمية. ولابد أن تتسم بخصائص جوهرية أهمها: الشمولية، والتكاملية، والاستمرارية، وخصائص أخرى نوعية ترتبط بالأبعاد الرئيسية لها.