الحمد لله الذي يسر لي سبل العلم، حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا، كما ينبغي لجلال وجهه، وعظيم سلطانه، والصلاة والسلام على سيدنا محمد معلم البشرية الأول وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين.
أما بعـــــد ...........
فقد تميّز العرب قديمًا بفصاحة اللسان والقدرة على ابتكار الصور التعبيريّة الفريدة، فاستمرّت ظاهرة الشعر من العصر الجاهلي إلى العصر الحديث، وقد ظهرَ اختلافٌ في طريقة تشكيل اللغو وتصورها، واستخدام المصطلحات والموضوعات على مدى تاريخ الشعر، فكانت موضوعاته تُطرح بحسب حاجة المجتمع في ذلك الوقت، فانطلق الشعر الحديث رائدًا للفكر، وتصدر الانطلاقة كبار الشعراء مثل: البارودي وأحمد شوقي، وكذلك تكونت الاتجاهات الشعرية، وتولدت حركات أدبية لها تكويناتها وآثارها، وقد سهلت السبل لهذه الحركة الثقافية: كحركة إحياء التراث، وحركة الترجمة، وحركة الطباعة، وتكونت الصحافة، وتكاثر الشعراء وإبداعاتهم في أنحاء الوطن العربي.
ولا تزال الساحة الأدبية تزخر بكثير من الشعراء المبدعين في أنحاء الوطن العربي عامة، وفي العراق خاصة، لذا فالحديث عن الشعر العراقي هو حديث عن إرثٍ ثمينٍ، وحاضر مهم استجاب لمتطلبات الحداثة، فكان الزهاوي والرُّصَافي والبياتي وعشرات آخرون من خيرة الأسماء الشاعرة في العراق، فالأدب عمومًا هو مرآة العصر، التي تنعكس عليها أحداثه، ومن ثم يصبح الشاعر بمثابة مؤرخ لعصره، بيد أنه يكتب التاريخ لا بقلم المؤرخ ومحبرته، بل بخيال الأديب ومشاعره.
ويُعد الوصف من الأغراض الشعرية الأصيلة في الشعر العربي، حيث طرق الشعراء به كل ميدان قرب من حسهم وإدراكهم، أو قام في تصورهم، فالشاعر الواصف واسع الخيال قادر على تصوير المحسوس في صورة حيّة، يظهر فيها إبداعه الناتج عن انفعالاته وتأثره بما حوله.