التصوف ، ذلك الشريان النابض في جسد الثقافة الإسلامية ، يُستحضر في أي موضوع يُطرح في سماء هذه الثقافة ، حتى تلك التي تُعد بعيدة عن فضاءاته المعهودة كالمنطق وعلم الكلام على سبيل المثال ، إذ لا تخلو الموضوعات التي تناولها أرباب الفكر في العالم الإسلامي من غير ان يدلو التصوف بدلوه في تلك الموضوعات ، ولا يُستثنى من ذلك بطبيعة الحال موضوع النفس ، وكيف يُستثنى والنفس تعد عماد التجربة الصوفية ، والكيان الوثيق الذي تدور حوله مجمل المسارات التي يجري على خطاها المتصوفة ، حتى ان اشهر حدود التصوف هو استبطان الحالة الدينية لدى الانسان ، وما تلك الا منازعات النفس مع محيطها والغور في اعماقها لاستجلاب كنهها الذي توارت عنه بفضل العوالم التي جاورتها في حياتها الظاهرية فيسعى بحثنا المتواضع هذا الى الوقوف على أهم الآراء التي طُرحت في مجال التصوف فيما يخص موضوع النفس لما فيه من أهمية كبيرة ارتبطت ارتباطاً وثيقاً بالمذهب العام الذي تميّز به التصوف معرجاً على شخصية مهمة من الشخصيات الصوفية والتي كان لها باعاً طويلاً في سماء التصوف . ومن النتائج التي توصلت إليها الدراسة هي: لم تغب النفس من الموضوعات التي عالجتها الفلسفة اليونانية في سابق عهدها ، ولكنها تناثرت في خضم الموضوعات العديدة آنذاك بسبب التركيز على موضوع الوجود الذي أخذ الحيز الأكبر ضمن فلسفاتهم . وكان لأمباذوقليس الفضل في طرح رؤية فلسفية لموضوع النفس استطاع من خلالها التأصيل لنظرية صوفية ألقت بظلالها على الرؤية الصوفية في الإسلام اذ بجد توافق واضح بين الرؤيتين .