يعد نص "حي بن يقظان" لابن طفيل من أبرز النصوص الأدبية الفلسفية في التراث العربي، فهو يجمع بين السرد القصصي والمفاهيم الفلسفية العميقة. ويتناول هذا البحث تحليل السرد في هذا النص من منظور أدبي ونقدي يعتمد على مفهوم "العالم الممكن"، وهو مدخل من مداخل النظرية الأدبية يساعد على فهم التفاعل بين الواقع والتخييل في النصوص. وينظر البحث إلى "حي بن يقظان" بوصفه نصًا يطرح أسئلةً وجوديةً ومعرفيَّةً اعتمادًا على بناء عوالم سردية تحتكم إلى قوانين نصية، تعمل على استكشاف قضايا من مثل: المعرفة البشرية، وحدودها، والعالم الطبيعي، والبحث عن الحقيقة من خلال الحدس الروحي والكشف الصوفي.
يستند التحليل إلى تقنيات السرد المختلفة التي استخدمها ابن طفيل لخلق عالم فريد يمتزج فيه التأمل الفلسفي مع السرد القصصي. حيث التركيز على كيفية بناء الشخصيات، والأحداث، والأمكنة في النص، مما يسهم في تكوين عالم خيالي يعبر عن أفكار فلسفية تجمع بين الضروري والممكن والمستحيل، مما يتيح للقارئ استكشاف قضايا إشكالية حول الإنسان ومكانه في الكون، وعلاقته بالاعتقاد والفعل الفردي والممكن والمستحيل معرفيًّا في إطار اجتماعي وتاريخي.
من خلال مقاربة "العالم الممكن"، يهدف البحث إلى استيضاح كيف يتجاوز النص السردي حدود الزمن والمكان الواقعيين ليقدم واقعاً موازياً يمثل رؤى وأفكار ابن طفيل الفلسفية. كما يبحث في كيفية استغلال السرد لخلق فضاء فلسفي اختباري وتجربة فكرية، يمكن من خلاله طرح التساؤلات حول المعرفة والوجود بطريقة مرنة، تسمح بالتفاعل مع مختلف التأويلات الفلسفية.