تعد ظاهرة الإرهاب من الظواهر الإجرامية العالمية الخطيرة التي أضحت تمثل معضلة من المعضلات لدى الدول كافة، حيث تضخم حجم الظاهرة الإرهابية، وتنوعت الجرائم الإرهابية وانتشرت في أنحاء المعمورة كافة، مخلفة آثاراً خطيرة ومدمرة ليشمل العالم, وقد أصبح الإرهاب أكبر التحديات وأخطرها والتي تواجهه الحكومات الساعية إلى تحقيق الاستقرار الوطني والذي يساهم في تحقيق الإستقرار الإقليمي والدولي على حدٍ سواء، فهو عقبة رئيسة أمام تنمية وتطور الشعوب، لذا فقد أدركت الدول والمنظمات الدولية مدى ما يشكله الإرهاب من خطر واضح منذ ثلاثينيات القرن الماضي، وقد كرست كافة الدول والمنظمات الدولية جهودها من أجل التعاون فيما بينها من أجل مكافحة الإرهاب. الأمر الذي يدعو إلى ضرورة البحث فيما يقف وراء هذه الظاهرة، والآثار والتداعيات التي تترتب عليه بأشكاله وصوره المختلفة.
وبالرغم من الجهود الدولية المبذولة للتصدي لظاهرة الإرهاب والتطرف وتعدد المبادرات والقرارات ذات الصلة الصادرة عن مجلس الأمن، إلا أن المجتمع الدولي مازال يعاني من تفشي تلك الظاهرة. لذا، طالبت مصر المجتمع الدولي بتعزيز فاعلية الجهود الدولية من خلال تبني مقاربة شاملة لمواجهة ظاهرة الإرهاب، بحيث لا تقتصر على المُواجهة الأمنية فحسب، وإنما تشمل كذلك الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتعليمية والتنموية، وإيلاء البعد الفكري والأيديولوجي الأولوية اللازمة باعتباره المحفز الرئيسي لارتكاب أعمال إرهابية، مع التأكيد على عدم ارتباط الإرهاب بأي دين أو ثقافة أو منطقة جغرافية بعينها.
وتنطلق تلك المقاربة من ضرورة الحفاظ على مقومات الدولة الوطنية ومؤسساتها، واحترام مبدأ " المسئولية الرئيسية للدولة Primary Responsibility of the State " ومركزية دور مُؤسساتها الوطنية المعنية بإنفاذ القانون في سياق جهود مُكافحة الإرهاب والتطرف، وضرورة احترام ما يتصل بمبدأ سيادة الدول في هذا الخصوص، وأن الدور الذي يمكن أن يضطلع به المُجتمع المدني هو دور مُكمل يدعم جهود الدولة وتحت مظلتها الرسمية.
وإذا كانت الدولة المصرية قد قدمت تجربتها الفريدة والمتميزة للمجتمع الدولي في مواجهة الإرهاب عموماً, والإرهاب الاليكتروني بصفة خاصة, فلقد إستعرضنا تلك التجربة والأسس التي ارتكزت عليها, بإعتبار أن الدولة المصرية نجحت نجاحاً يقتدي به في تلك المواجهة سواء من ناحية, التدابير التشريعية أو التدابير الوقائية الدفاعية, وطورت منظموتها التشريعية بما يكفل مواجهة جرائم الإرهاب وراوافده المتمثلة في جريمة تمويل الإرهاب.