يُعدّ التغير المناخي أحد أبرز التحديات البيئية التي تواجه العالم في العصر الحديث، لما ينطوي عليه من تداعيات سلبية متعددة تطال مختلف القطاعات التنموية. ورغم أن الأردن يُعدّ من أقل الدول إسهامًا في الانبعاثات الصناعية المسبّبة للتغير المناخي، إلا أنه من بين الدول الأكثر تأثرًا بتداعياته. وانطلاقًا من هذه الإشكالية، تهدف الدراسة إلى تقديم عرض تاريخي موجز لتطور مفهوم التغير المناخي، وتحليل علاقته بالأمن المجتمعي من خلال نموذج DPSIR الذي يشمل: (الدوافع-الضغوط- الحالة-التأثيرات- الاستجابات).  كما تسلّط الضوء على التغيرات المناخية التي شهدها الأردن خلال الفترة من عام 2000م وحتى عام 2024م، وأثر هذه التغيرات في عدد من القطاعات الحيوية، بما في ذلك الأمن الاقتصادي، والأمن الغذائي، والأمن الاجتماعي. وتُعنى الدراسة أيضًا بمقارنة حالة الأردن مع عدد من الدول العربية الأخرى التي تواجه تحديات بيئية ومناخية مشابهة، وذلك بالاستناد إلى المنهج الوصفي التحليلي، والمنهج المقارن، والمنهج التاريخي في تحليل المعلومات والبيانات الإحصائية ومناقشتها بهدف الوصول إلى نتائج علمية دقيقة.
وخلصت الدراسة إلى أن التغير المناخي يُعدّ ظاهرة عالمية تتجاوز الحدود الجغرافية، ولم تعد محصورة بدولة أو إقليم بعينه، بل باتت تؤثر في الجميع. وأن المنطقة العربية، ومن ضمنها الأردن، تُعدّ من بين المناطق الأكثر تضررًا من تداعيات التغير المناخي، نظرًا لموقعها الجغرافي في مناطق جافة أو شبه جافة. وقد أكدت النتائج أن الأردن يبذل جهودًا ملحوظة في مواجهة مخاطر التغير المناخي، من خلال تبنّي الخطط والسياسات الوطنية، ووضع الاستراتيجيات والبرامج التنفيذية، والمشاركة في الاتفاقيات الدولية ذات الصلة. ومع ذلك، تُظهر الدراسة أن الأردن لا يمتلك القدرة الكافية لمواجهة هذه التحديات بمفرده، مما يستدعي تفعيل التعاون المشترك بين صانعي السياسات على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية، والاعتراف بمحدودية موارده المالية، ونقص الكوادر البشرية المؤهلة، والحاجة إلى تعزيز الوعي المجتمعي باستخدام أدوات فعّالة للحد من آثار التغير المناخي.