تهدف هذه الدراسة الى رصد مظاهر البدايات الأولى للتدوين التاريخي عند المسلمين وتطوره عبر المراحل التاريخية ، وتقف الدراسة على طبيعة السرد التاريخي لنماذج من أحداث صدر الإسلام في القرن الأول الهجري ، بعده المرحلة التأسيسية التي تتمتع بأهمية وخصوصية في تاريخ الإسلام الأول، ومن ثم تهدف الدراسة للوقوف على أنماط التضخم في السرد التاريخي لبعض الاحداث المفصلية في تاريخ الإسلام المبكر والتي بدا فيها تباين السرد التاريخي في التعاطي معها ضمن المصادر التاريخية بمختلف تنوعاتها المذهبية وانتماءاتها الفكرية، بغية الكشف عن مكامن تضخم السرد في بعض الاحداث صدورا عن دواعي مذهبية وايديولوجية ، وضمور السرد في بعض الاحداث خضوعا لإكراهات مذهبية وعقدية، وذلك عبر المقارنة بين المصادر المتنوعة بتنوع الأرومات التي تنتمي اليها ، وتفكيك الآليات التي اتبعتها المصادر في رصدها لتلك الأحداث، حجبا وتمريرا وتضخيما وتقليلا وأسطرة، وسواها من التقنيات التي تعتمدها المصادر المختلفة والتي انتجت في مراحل تاريخية مختلفة غداة تعاطيها من أحداث القرن الأول.
ولتحقيق ذلك تطرح الدراسة سؤالا اشكاليا مؤداه: لماذا نجد اختلافا في تناول الحدث التاريخي الواحد ضمن تلك المرحلة بين مصدر وآخر عبر المراحل الزمنية المختلفة التي أنتجت فيها المصادر، من حيث طبيعة السرد التاريخي انثيالا وضمورا في التعاطي معه؟، وما مدى انعكاس العوامل المذهبية والعقدية في توجيه المؤرخين لاعتماد آليات الحجب لبعض الأحداث والتمرير لأحداث أخرى، على نحو يبدو فيه اتساع تناول حدث ما في مصدر وضيقا في مساحة التعاطي السردي مع ذات الحدث في مصادر أخرى