خلفية نظرية: إنَّ الذاكرة العاملة إحدى الوظائف المعرفية الأساسية التي لها أثر شديد في تطوير قدرة الأطفال علَى التعلم؛ ومع ذلك يواجه بعضُ الأطفال تحديات متعلقة بتدني كفاءة هذه الذاكرة، وهو ما يرتد بالسلب علَى أدائهم الأكاديميِّ. وبالرغم من وجود دراسات تناولت تدريب الذاكرة العاملة من حيث كونها وسيلة لتحسين القدرات المعرفية، فإنَّ نتائجها قد كشفت عن تباين في فاعلية هذا التدريب واستدامته. ولذلك تهدف هذه الدراسة إلى تقييم التأثيرات المعرفية المرتبطة بالذاكرة العاملة في تعزيز كفاءة الذاكرة العاملة لدى الأطفال الذين يعانون ضَعفًا في هذه الوظيفة. ومن خلال تحليل مدى استمرارية التحسينات الناتجة عن هذا التدريب.
منهجية الدراسة: تألَّفَتْ عينةُ البحثِ من أربعين طفلًا، تتراوح أعمارهم بين بين 4,5-7سنوات، وقد قُسِّم هؤلاء الأطفال إلى مجموعتين: الأولى تضم عشرين طفلًا خضعوا لتدريب معرفيٍّ مُصمَّمٍ بعناية لتعزيز قدراتهم في مهام الذاكرة العاملة، حينما تكونت المجموعة الثانية -المعروفة بالمجموعة الضابطة- من عشرين طفلًا لم يخضعوا لأيِّ نوعٍ من أنواع التدريب. ولتحقيق دقةً في قياس الأداء استُعمِلَتْ أدواتٌ تقليديةٌ مخصصةٌ؛ كي يمكن تقييم الجوانب اللفظية والبصرية المكانية من الذاكرة العاملة. وقد استمر البرنامج التدريبيّ ثمانية أسابيع، حيث خُصِّص وقت يتراوح بين 30 و45 دقيقة للجلسة التدريبية الواحدة، موزَّعَةً علَى ثلاثة أيام كلَّ أسبوعٍ، وكذلك صُمِّمَ هذا الإطار التدريبيّ بدقة من أجل تحقيق أقصى استفادة، ومن أجل تعزيز فاعلية التحسينات في كفاءة الذاكرة العاملة للأطفال المُعَيَّنينَ.
النتائج: أظهرت نتائج هذه الدراسة تحسُّنًا ملحوظًا في أداء المجموعة التجريبية عند مقارنتها بالمجموعة الضابطة في القياس البَعْديّ، وذلك مع استمرار التحسُّن في القياس التتبعيِّ بعد مرور 12 أسبوعًا؛ أي أنَّ تدريبَ تحسين الذاكرة العاملة صار ذا فاعلية مثبتة.
الاستنتاجات: تؤكد الدراسة على فاعلية التدريب المعرفي في تحسين الذاكرة العاملة الضعيفة لدى الأطفال، وهو ما يسلط الضوء علَى أهمية إدماج برامج التدريب في هذه المناهج التعليمية والتدخلات العلاجية الموجهة إلى الأطفال الذين يواجهون صعوباتٍ في التعلم ومشكلاتٍ في الانتباه.