تُعدّ قضية العنف ضد المرأة من القضايا العالمية التي تستقطب اهتمامًا متزايدًا من قبل المجتمع الدولي، لما لها من آثار اجتماعية ونفسية وإنسانية عميقة، دفعت العديد من الدول إلى اتخاذ تدابير قانونية وتنظيمية للحد منها ومواجهتها بجدية. وتُعدّ المملكة العربية السعودية من الدول التي شهدت تحولات ملحوظة في هذا السياق، حيث برزت خلال السنوات الأخيرة جهود واضحة تهدف إلى تمكين المرأة وحمايتها من كافة أشكال العنف، في إطار رؤية المملكة 2030 التي تسعى إلى بناء مجتمع حيوي ومتوازن (Vision 2030, 2023).

ففي عام 2018، تم إقرار قانون يجرّم التحرش الجنسي، ويُعاقب مرتكبيه بالسجن والغرامة، مما شكّل نقلة نوعية في مسار التشريعات السعودية لحماية المرأة وتعزيز كرامتها. ولم تقتصر هذه التحولات على الجانب القانوني فحسب، بل شملت كذلك إنشاء مؤسسات وبرامج مثل مركز بلاغات العنف الأسري (1919) وبرنامج الأمان الأسري، التي تهدف إلى دعم النساء وتوعيتهن بحقوقهن القانونية والاجتماعية.

لقد تزايد خلال السنوات الأخيرة اهتمام المختصين في مجالات الاجتماع، والقانون، والصحة النفسية، بظاهرة العنف الأسري، لاسيما ما تتعرض له المرأة من انتهاكات داخل نطاق الأسرة. ويعود هذا الاهتمام إلى ما يخلّفه العنف من آثار سلبية على استقرار الأسرة، التي تُعدّ الركيزة الأساسية في بناء المجتمعات وتماسكها، بل والمصدر الأول لتنمية الإنسان وصقل شخصيته (بدوي، 2017).

ويُعتبر العنف ضد المرأة من الممارسات الراسخة تاريخيًا في العديد من المجتمعات، ولا يقتصر على ثقافة أو بيئة دون أخرى، بل هو سلوك إنساني سلبي ارتبط بأنماط من الهيمنة والسيطرة داخل العلاقات الأسرية، وخاصة في العلاقة بين الرجل والمرأة. ومن هنا، ظهرت الحاجة الملحة إلى التصدي لهذه الظاهرة من خلال تعزيز الوعي الاجتماعي والحقوقي،