على الرغم من تاريخية النقاش حول اليمين المتطرف، واعتقاد بعض المهتمين أنه من الموضوعات الكلاسيكية للبحث في النظم السياسية المقارنة، وكذا اعتقاد البعض في محدودية قدراته التعبوية، إلا أنه يُنظر له مؤخراً باعتباره تحدياً متزايداً حتى في الديمقراطيات الراسخة خاصة في ضوء تنامي موجاته مؤخراً بصورة مفاجئة في بعض الأحيان تحت وطأة قضايا حساسة كالهجرة والقومية والممارسات الدينية، وعمليات احتواءه سياسياً أحياناً أُخر، وهو ما يدفع الباحث للتساؤل الرئيسي حول إمكانية احتواء عدوى اليمين المتطرف انتخابياً في الخبرات العالمية المقارنة، وهو الموضوع الذي برزت أهميته مؤخراً في أعقاب الانتخابات التشريعية الفرنسية في يوليو 2024، والتي شهدت مرحلتها الأولى صعوداً مربكاً لتحالف اليمين المتطرف في فرنسا، في أعقاب صعود نظراءه في الانتخابات الأوروبية في يونيو 2024، وذلك في أعقاب انتخابات مبكرة دعا إليها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بيد أنه تم تداركه باستراتيجيات تحالف انتخابية مرنة في المرحلة الثانية من تلك الانتخابات افضت في نهاية الأمر لانحساره انتخابياً لصالح تيارات اليسار والوسط، وعليه تأتي هذه الدراسة لاستكشاف هذه الظاهرة بالانطلاق من تعريفها الاصطلاحي وتطورها التاريخي، مروراً بأسباب تحول مزاج الناخب في النظم المعاصرة في اتجاه التيارات اليمينية المتطرفة، وكذا استعراض تحليلي للخبرات الدولية المعاصرة في صعود اليمين المتطرف، وصولاً للتحديات التي تواجهها هذه التيارات، انتهاءً باستراتيجيات مواجهتها واستشراف مستقبلها.