غني عن البيان أن القواعد القانونية لا تعدو، في حقيقة الأمر، إلا أن تكون تجسيداً لواقع اجتماعي وسياسي معين. ولذلك، فإن التطور بالنسبة إلى هذه القواعد – وفي عموم النظم القانونية – يعتبر سنة حتمية حتى يتسنى لها الاضطلاع بوظيفتها في تنظيم سلوك أعضاء الجماعة المعنية. وتعد ثورة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات أحد أبرز التطورات التي تشهدها الجماعة الدولية في الوقت الراهن، وتفرض تأثيرات واسعة النطاق بالنسبة إلى بنية النظم القانونية المختلفة، الداخلية منها والدولية على حد سواء. وفي هذا السياق، تأتي هذه الدراسة لتستعرض تطور قواعد القانون الدولي وتختبر حدود فعاليتها في عصر التكنولوجيا الرقمية، خاصةً في ظل الطبيعة المزدوجة لتأثير هذه التكنولوجيا على التفاعلات الدولية. وقد خلصت الدراسة إلى أنه يتعين تطوير منظومة القواعد القانونية الدولية، خاصةً مع ما تتصف به من المرونة والقدرة على مواكبة المستجدات والتغيرات المختلفة التي تطرأ على العلاقات الدولية، لكى تتواءم مع ما أفرزته تكنولوجيا المعلومات والاتصالات من ظواهر وإشكاليات عديدة، السلمية منها وغير السلمية، وذلك لضمان احترام قيم الجماعة الدولية العليا، وفي مقدمتها احترام حقوق الإنسان والشفافية والمساءلة وغيرها.