القِيمُ الأخلاقيةُ الدِّينيةُ في شِعر أبي العَلاء المعرِّيِّ فِي ضَوْءِ النَّقدِ الثَّقافِيِّ
أميرة ناصر محمود حسن مصطفى
قسم الأدبِ والنَّقدِ، كُلِّيةِ الدِّراساتِ الإسلاميةِ والعربيةِ للبناتِ بالقاهرةِ - جامعةِ الأزهرِ، جمهورية مصر العربية.
البريد الإلكتروني: amiranasser@azhar.edu.eg
            
ملخص البحث:
كانتْ الأخلاقُ وما تزالُ عُنوانَ الشُّعوبِ، فعنْ طَريِقِهَا يُستَدلُّ على مدى التَّقدُّمِ فِي أُمَّةٍ من الأُمَمِ، ومِن خِلالها يُعرف مقدارُ ما تتمتَّعُ به من عِلمٍ ورُقيٍّ، فما ارتفعتْ أُمَّةٌ من الأُممِ إلا بما يَسودُ بين أبنائِهَا مِن أخلاقٍ طَيِّبةٍ في مُعاملاتِهِمْ مَعَ أَنْفُسِهِمِ ومع الآخرينَ، لتُكَوِّنَ صُورةً مُشَرِّفةً عن هذا المجتمعِ، وربما لا أكونُ مُبالغةً إذا قُلتُ أنَّ في الأخلاقِ سرَ تَقَدَّمِ البُلدانِ والأوطانِ، لأنَّها تُمثِّلُ الحارسَ الأمينَ الذي يَحْرسُ إنجازاتِ الأُممِ من التَّصدُّعِ والانهيارِ، فحينما يَعرفُ كُلُّ فَردٍ أن إنجازاتِ أُمَتِهِ هِيَ حَصيلةُ كِفاحِ آبائِهِ وأجدَادِهِ، لايَسعى في الأرضِ فَسادًا، ولا يَهدمُ ما بَناهُ الأوَّلُونَ، بل يسعى إلى المُحافظَةِ عليه وتَطويره ما استطاعَ إلى ذلك سَبيلًا، وما انَّحطَّتْ أُمَّةٌ مِن الأُممِ إلا بانحطاط أَخْلاقِهَا سواء على المستوى الفَرديِّ أم المستوىَ الجمَاعِيِّ، ذلكَ لأن الفرد َجُزءٌ مِن مُجتمعه، والمُجتمعُ ما هو إلا أفرادٌ وأسرٌ، فإذا ما انتشرَ فَسادُ الأخلاقِ بينَ الأفرادِ تَصَدَّعتْ الأُسر وانهارَ المُجتمعُ. فالواجبُ- كُلُّ الوَاجبِ- أن نتمسَّك بأخلاقِنَا- أخَلاقِ الإِسلامِ- لكي تَظَلَّ شَجرةُ الأخلاقِ وَارفةَ الظِّلال يَستريحُ في ظِلِّهَا الجَميعُ في أمنٍ وسَلامٍ.
فهذا البحث محاولة جادة في دراسة (القِيمُ الأخلاقيةُ الدِّينيةُ في شِعر أبي العَلاء المعرِّيِّ فِي ضَوْءِ النَّقدِ الثَّقافِيِّ) وتشخيص الأنساق الثقافية، من أجل الوصول إلى عمق النسق الثقافي المضمر فيه، ولم ألُو جهدًا في استثمار طاقات النقد الثقافي من أجل دراسة جديدة غير نمطية. واقتَضَتْ طَبيعةُ البَحثِ أنَ يكونَ فِي مُقدِّمةٍ، ومَبحثينِ، المبحث الأول: مفهوم القيم الخلاقية تناولت فيه: أولًا: القيم مفهومها اللغوي والاصطلاحي ومرجعيتها وأنواعها، ثانيًا: الخُلُقُ مفهومها اللغوي والاصطلاحي، وطبيعة الأخلاق، وعلاقة العقل بالأخلاق عند أبي العلاء المعرِّيِّ، ثالثًا: مفهوم النقد الثقافي، والمبحث الثاني: الأنساق الثقافية الدينية في شعر أبي العلاء المعرِّيِّ، ثم خَاتِمةٍ، تناولتُ فيها أَهمَ النتائج، ثُمَّ أتبعتُها بثبتِ المصادرِ والمراجعِ، وفهرسٍ للموضوعَاتِ.