إفريقيا أكثر القارات تفتتا من الناحية السياسية، فهى أرض صراع وتحد أيديولوجي بين الشرق والغرب، اليوم هى ساحة تتنافس عليها مختلف أشكال الاستعمار الجديد. وإذا كان اهتمام العالم بإفريقيا يتزايد، فإن إسرائيل، لأسباب عديدة، اهتمت بها بشكل خاص، وأنشأت من أجلها مراكز بحوث ومعاهد متخصصة بالدراسات الإفريقية، وحرصت على إقامة علاقات استراتيجية مع دولها حتى لو تراوحت هذه العلاقات بين مراحل المد والجزر، والصعود والهبوط، فإن عين إسرائيل ظلت مفتوحة على هذه القارة السمراء.
وقد لاحظنا مدى الاهتمام الكبير الذى توليه الدولة العبرية بهذا الجزء من العالم، ومدى النجاح الذي تحرزه هناك. وفى الوقت الذى تحرص فيه كل القوى الإقليمية الصاعدة كالصين والهند ودول أخرى كبرى كروسيا على الوجود في القارة الإفريقية، وتتنافس على الحصول على فرص استثمارية فيها، نلاحظ غيابا تاما للاستراتيجية العربية الموحدة للعمل باتجاه إفريقيا، سواء فى الجانب السياسى والأمنى، أو حتى فى المجالين الاستثمارىوالاقتصادي، أو في مجالات التعاون المشتركة المختلفة عسكرية وأمنية وثقافية وبحثية، وزراعية.
إن إفريقيا هي المد لذراع إسرائيل للسيطرة على البحر الأحمر والمضيق والاستفادة من السيطرة الكاملة على دول شرق إفريقيا، وعلى مصر والسودان، حيث يضمن ذلك الغلبة دائما لإسرائيل، وقد نجح تيودور هرتزل في الترويج لفكرة استعمار فلسطين وإقامة وطن لليهود هناك، وتبلور ذلك النجاح فى عقد المؤتمر الصهيونى الأول في مدينة بازل بسويسرا عام ۱۸۹۷ . إن إسرائيل هي نتاج فكر ممنهج لجمع كل اليهود وإنشاء دولة بكل السبل والطرق، مع ضمان بقاء الأدوات كاملة وجاهزة والأدوار موزعة على كل الأصدقاء، حتى الأعداء لضمان عدم خوض حرب فى أرض إسرائيل والسعى لاتساعها من الفرات إلى النيل كهدف سام يجب عدم التخلى عنه بأي طريقة. لذلك، فإن نشاط السياسة الخارجية الإسرائيلية لدول شرق إفريقيا هدف يستحق الدراسة