أصبحت تكنولوجيا المعلومات عنصراً أساسياً لا غنى عنه في كافة القطاعات والمؤسسات على اختلاف أنواعها وأحجامها، حيث باتت أداة محورية تساهم في تحقيق الكفاءة والفعالية في إنجاز المهام بكافة أشكالها، من خلال تحسين الدقة وتقليص الوقت المستغرق في الأداء. هذه التطورات التقنية قد أسهمت بشكل كبير في تبسيط العمليات الإدارية وتطويرها، مما يتيح تحقيق الأهداف المؤسسية بسرعة ودقة أعلى.

تُعد الإدارة الإلكترونية إحدى أبرز نتائج التطور التقني في مجال الاتصالات والمعلومات، وقد نشأت كاستجابة عملية لاستخدام تكنولوجيا الحوسبة في القطاع العام، بهدف تطوير أساليب العمل التقليدية وتحويلها إلى طرق أكثر مرونة وكفاءة. كما تمكّن الإدارة الإلكترونية من الاستفادة من الإنجازات التكنولوجية الحديثة لتقليص التكاليف، وتوفير الوقت، مع ضمان تحقيق فعالية أكبر في الأداء المؤسسي.

وفي سياق هذا البحث، سنبحث في مدى إمكانية تحويل الإجراءات الإدارية التقليدية المتبعة في المحاكم إلى النظام الإلكتروني، وذلك بهدف الوصول إلى العدالة بشكل أسرع، وأكثر كفاءة من حيث الوقت والجهد. يُعد التقاضي الإلكتروني من الموضوعات المعقدة التي تضم بعداً قانونياً وإدارياً يتشابك مع الجانب التقني، الذي يتطلب تطبيق الأنظمة المعلوماتية المتقدمة وضمان أمن المعلومات بشكل صارم، بما يتلاءم مع تطور التقنية الحديثة.

يتناول البحث تساؤلاً جوهرياً: هل يتطلب الانتقال من النظام التقليدي إلى النظام الإلكتروني تعديل التشريعات القائمة أم يستلزم الأمر إصدار تشريعات جديدة تتواكب مع التقدم التكنولوجي؟ كما سيتم تحليل مدى انسجام التقاضي الإلكتروني الجزائي مع النظام القانوني المعمول به في المملكة العربية السعودية، بما يشمل ضمانات المتهم في القضايا الجزائية وكيفية تطبيق آلية الحبس الاحتياطي عن بُعد، مع دراسة التحديات التي قد يطرأ تأثيرها على تطبيق هذه الأنظمة في الواقع القانوني.