تناول البحث مسالة تقييد اختصاص القضاء الدولي, من خلال التطرق الى نظامي محكمتي العدل والجنائية الدوليتين, وقد تبين من هذا العرض اشتراط موافقة طرفي النزاع لكى ينعقد اختصاص محكمة العدل الدولية, وجاءت مواد الفصل السادس من الميثاق, وما اعطته لمجلس الامن من سلطة منزوعة الدسم تقتصر على مجرد دعوة الأطراف الى حل خلافاتهم او التوصية بذلك, وبهذا باتت إرادة الخصوم هي المتحكمة في انعقاد ولاية المحكمة؛ الامر الذى خلق حالة من التوتر في العلاقات الدولية بسبب بقاء كثير من النزاعات معلقة دون حل, فالخلاف التركي اليوناني حول بحر ايجه, وكذلك الخلاف المصري الأثيوبي حول سد النهضة ليس منا ببعيد, ورغم ان مفهوم اشخاص المجتمع الدولي يشمل المنظمات الدولية والافراد الا ان المحكمة يقتصر قضائها على الدول فقط.

اما فيما يخص ولاية المحكمة الجنائية الدولية فيلزم لانعقادها التوقيع على نظامها الأساسي، او بقبوله لاحقا. ومن الجدير بالذكر ان المحكمة غير مختصة بمحاكمة الدول او الأشخاص المعنوية، بل يقتصر اختصاصها على الافراد؛ رغم ان هناك جانب كبير من الفقه الدولي يرى خلاف ذلك. وتعد سلطة الإحالة من مجلس الامن للمحكمة استثناء على مسالة الولاية الاختيارية لها. ولا ريب ان التمسك بفكرة السيادة بمعناها التقليدي كان ومازال من الأسباب الرئيسية لوجود تلك القيود على اختصاص القضاء الدولي.