المستخلص:
تعنى هذه الدراسة بشاعر من الشعراء المخضرمين، هو النّمِر بن تولب الصحابي المشهور – رضي الله عنه - ، لإبراز جملة الشواهد التي استشهد بها النحويون من شعره، مع دراستها وبيان أثرها في التقعيد النحوي.
والنّمِر: هو النّمِر بن تولب بن زهير بن أقيش العلكي، يكنى بأبي ربيعة، وبأبي قيس، أدرك الإسلام وهو كبير، فأسلم وحسن إسلامه، ووفد على النبي – صلى الله عليه وسلم – مسلماً، فكتب له كتابًا كان في أيدي أهله.
وتقتصر هذه الدراسة على الشواهد النحوية للنمر بن تولب في التراث النحوي، ودراسة القضايا التي تثيرها، لإبراز أثرها في التقعيد النحوي، وقد اعتمد الباحث في جمع هذه الشواهد على بعض المعاجم التي تخصصت في حصر الشواهد كمعجم شواهد العربية للأستاذ عبد السلام هارون، والمعجم المفصّل في شواهد اللغة العربية للدكتور إميل بديع يعقوب، ومعجم شواهد النحو الشعرية للدكتور حنّا جميل حدّاد.
أما تخريج الشواهد فقد اعتمد الباحث فيه على ديوان النمر بن تولب بتحقيق الدكتور نوري حمودي القيسي، وقد نشره ضمن كتابة (شعراء إسلاميون)، بالإضافة إلى كتب النحو والأدب المختلفة التي أوردت هذه الشواهد منسوبة له، أو بدون نسبة، مع الاهتمام بذكر الروايات المختلفة في الأدبيات الشواهد إن وجدت. ووما يجدر ذكره أن اللغويين والنحاة قد صرحوا بأن تعدد الروايات في البيت الواحد لا يسقط حجيتها، وأن كل رواية – مادامت قد نقلت عن ثقة – يصح الاستشهاد بها، يقول البغدادي: "وربما روي البيت الواحد من أبياته (يقصد سيبويه) أو غيرها على أوجه مختلفة، ربما لا يكون موضع الشاهد في بعضها أو جميعها، ولا ضير في ذلك؛ لأن العرب كان بعضهم ينشد شعره للآخر فيرويه على مقتضى لغته التي فطره الله عليها، وبسببه تكثر الروايات في بعض الأبيات، فلا يوجب ذلك قدحًا فيه ولا غضّا منه".
وحرصت في كل شاهد على أن أَنُصّ على من استشهد به من النحويين، سواء أنسبه إلى النمر أم لم ينسبه؛ لإبراز اهتمامهم بشواهده، وحرصهم على الاحتجاج به. وقد اعتمدت في دراسة المسائل التي تثيرها هذه الشواهد على أمهات كتب النحو ابتداءً بكتاب سيبويه في القرن الثاني الهجري، وانتهاء بكتب الحواشي، كحاشية الصبان وغيره في القرن الثالث عشر الهجري، محاولاً الإدلاء برأي ما أمكن.
وقد أحصيت في هذه الدراسة عشرين شاهداً نحوياً انتظمت خمساً وعشرين مسألة نحوية؛ إذ قد يكون في البيت الواحد أكثر من شاهد نحوي كما سيتضح من خلال دراسة المسائل النحوية التي تثيرها هذه الشواهد. واتبعت في ترتيب هذه المسائل ترتيب ابن مالك في ألفيته المشهورة.
واقتصرت في هذه الدراسة على ما تأكدت نسبته للنمر بن تولب، فاستثنيت ما ترددت نسبته بين النمر وبين شاعر آخر، فأخرجت بذلك بيتين فقط من نطاق هذه الدراسة؛ لرجاحة كونهما لغيره لا له، وهما:

إني بحبلك واصلّ حَبلِي  وبريش نَبلِك رائِشّ نَبلِي
مضت مائةّ لعامِ ولدتُ فيه وعشرّ بعد ذاك وحِجّتانِ