يسعى هذا البحث إلى إلقاء الضوء على مفهوميْ الساكن والمتحرك في الدرس اللغوي العربيّ، موضّحًا متى يَكْتَسُبُ الحرفُ أحد هذين الوَصْفَين، ومُبَيّنًا التركيب الصوتي لِكُلٍّ منهما. واقفًا بعد ذلك على تَعْريفاتِهما مع تسليطِ الضوء على رؤية ابن جنّي لهذين المفهومين وتقسيماتِه لهما، مع النظر في مدى انسجامِ رؤيته مع الرؤية العامّة للنظرية الصرفيّة لهذين المفهومين. وقد حاول البحثُ الكشفَ عن أسباب حدوث كُلٍّ من هذين المفهومين، والوقوفَ على تلك الأصوات التي صُنِّفَتْ على أنها سواكن مع أنّها لا تَتّفِقُ مع الوصف العامِ لمفهوم الساكن، محاولًا في الوقتِ ذاتِهِ الكشف عن الدوافع الكامنة خلف هذا التصنيف، كما تطرّق البحث إلى طبيعة التفاعل بين السواكن وما يَجوزُ منها وما يَمْتَنع.
وقد التزمت هذه الدراسة المنهج الوصفيّ التحليليّ، وهو ما أنتج عددًا من النتائجِ التي من أهمّها: أنّ وَصْفَيْ الساكن والمتحرك إنما يكونان للصوت بعد أن يأتلِفَ مع غيره من الأصوات في أبنية الكلم، وأنّ تقسيمات ابن جنّي لمفهوميْ الساكن والمتحرك لا يُمثِّلان بالضرورة التصوّر العام الذي تَبْنِيه النظريّة الصرفيّة التراثية لهذين المفهومين وفي والوقت ذاته لا تعارض من حيث المبدأ بين تصوّره والتصوّر العام للنظريّة الصرفيّة التراثية. وأيضًا من النتائج أنّ أسباب حدوث هذين المفهومين كامنٌة في ثلاثة أمورٍ لا غير، وأنّ التفاعل بين السواكن على ثلاثة أنماط، يمتنع منها النمط الثالث الذي هو التقاء ساكنين من حروف المدّ. وقد خُلُصَتْ الدراسة إلى أنّه لحضور هذين المفهومين إسهامًا على الجانبين النظريّ والتطبيقيّ، مِمّا مَكّن من صياغة تعميمات عامّة تَصِفُ بينة الكلمة العربية كعدم البدء إلا بمتحرك وعدم الوقف إلا على ساكن، وأنّ التقاء الساكنين يوجب التخلّص من أحدهما، وغيرها من التعميمات.