يُقدم هذا البحث دراسة لظاهرة الاعتداء في المجتمع الصفوي، من خلال تحليل النقوش التي خلَّفها أفراد هذا المجتمع على الصخور، ويعرض أنواع الاعتداءات المنتشرة في تلك الفترة، مِثّلما عكستها نقوشهم سواء كانت اعتداءات على النفس البشرية، أو على الممتلكات الخاصة مثل أماكن الإقامة، والثروة الحيوانية، والكتابات، والرسوم الصخرية، أو حتى على القبور. ويسلط البحث الضوء على الدوافع التي أسهمت في إحداث هذه الظاهرة، والتي ارتبطت غالبًا بالبحث عن الغنائم، والسبايا، والأسلاب، والغزوات، والغارات. كما يوضح البحث الطرق التي اتبعها الصفويون لمواجهة الاعتداء بمختلف صُوره وأشكاله، ويُبيّن مجموعة الدلالات الحضارية الاجتماعية، والأمنية، واللغوية، والدينية، والنفسية لهذه الظاهرة.

وخلُص البحث إلى أن النقوش الصفوية تُعد مصدرًا رئيسًا وثَّق حالات الاعتداء المختلفة، سواء كانت فردية أو جماعية. وإن مجموع هذه الحالات لم تكن حوادث عرضية، بل تُمثل جزء من الواقع الاجتماعي الذي عاشه الصفويون. كذلك أظهرت النقوش كيف عبَّر أفراد المجتمع عن قلقهم إزاء هذه الظاهرة، باستخدامهم ألفاظٍ وأفعالٍ مختلفة دلَّت عليه، كما تنوعت صيغهم الدُعائية لدفع شر المعتدين عنهم قبل وقوع اعتدائهم عليهم، أو للخلاص والنجاة من أفعالهم، أو لطلب السلامة من كل خطر مُرتقب، فضلًا عن توسلهم لمعبوداتهم للمساعدة في الانتقام من المعتدين.