تسعى هذه الدراسة إلى تتبع المفرز الإبداعي لدى فتوح قهوة، وتسلط الضوء على مضامينه الموضوعية والفنية، ودافعية الخطاب الشعري إلى القضايا محل الطرح والمباشرة، فعُنيت الدراسة برصد تلك القضايا التي تحرك لها وعي الشاعر، وحشد لها كل ما لديه من ذخر فكري وإبداعي، فشكل الغزل، والرثاء، والتصوف، والاغتراب، والسياسة محاور تجربته وأسس قضاياها، وزاولت شاعريته من ثم دورها السياسي في فضاءات مسكونة بالحفز، والاستدعاء، والاستثارة، والتمرد، إذ انطلق في كل قضية من رؤية باصرة، ووعي خلاق، وإيمان صادق، وعاطفة خالصة، وشاعرية مدربة، وأدوات فنية واعدة تلقت عن التجربة فيضها الدفاق، وترجمت ما يتنادى في نفسه من شوق لاهف، وعطش لاهب، وتعب ذاتي وجمعي، ذلك الذي أحال الشاعر فيه دموعه إلى دموع كونية تجري في محاجر كل المتعبين .
كما استهدفت الدراسة إعمال الآليات النقدية الكاشفة في تعاطيها المنهج التكاملي درسًا وتحليلاً ونقدًا، إضاءةً لحمولات النص ودلالاته، فباشرت الدراسة من ثم النصوص الشعرية في بنياتها الفنية وعناصرها التشكيلية لغةً وأسلوبًا، وبناءً دراميًا، وصورةً شعريةً، وموسيقى، بما أفصح عن شاعر يمتلك معجمًا تعبيريًا دالاً وموحيًا، وبصمةً أسلوبيةً خاصة، وقدرة على الحكي واستضافة المنظومة الدرامية داخل أروقته الشعرية، ثم أبانت الدراسة عن رحابة خياله، وقدرته على الرسم والتلوين والتراسل، وحساسية ريشته الفنية في رسم المشهد الكلي حركةً وصوتًا ولونًا، وأخيرًا أعربت الدراسة عن جمالية التوظيف الموسيقي، وتفاعل نوتته الموسيقية مع كثير من البحور الشعرية، وبخاصة البحور الصافية في قصيدة التفعيلة، ثم امتدت ملكات الشاعر الإبداعية إلى ترقّيهِ في صياغة اللوحة الإيقاعية الناطقة، والموشّاة بالهمس والجلبة والإرنان والتنغيم، بما يحيل العناصر الفنية نهرًا إبداعيًا حمل سفائن شعره في رحلة مفعمة بالدهشة والجمال .