فإن مفهوم الحوار يعتبر من المفاهيم الأكثر رقيا في التعامل بين البشر، فمنذ اللحظة الأولى للتكوين الإنساني ، كان الله سبحانه وتعالى يكرس هذه القيمة الجمالية التي يمكن أن يكون لها أثر واضح وجلي في تدعيم الحياة وتحقيق التعايش بين بني البشر، والحوار في حد ذاته ضرورة تقتضيها الفطرة البشرية وظاهرة إنسانية عالمية، وهي سنة إلهيه نظرا لتفاوت البشر في عقولهم وأفهامهم وأمزجتهم ، قال تعالى {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ}، ونتيجة لهذا الاختلاف في الرأي جاء الحوار وسيلة للوصول إلى الحق والصواب , وقد تضمن القرآن الكريم مشهداً متكاملاً حفل بألوان متعددة من الحوار في قضايا متنوعة، وبين جهات مختلفة؛ وهذا يعتبر إغناء وإثراء، وميادين تدريب وأدلة عمل لكل من يريد فتح باب الحوار مع أي أحد، في أية قضية، في كل وقت
ويمكن من خلال تحليلنا للمشاهد الحوارية لنبي الله يوسف -عليه السلام- التي حفلت بها آيات القرآن الكريم أن نقف على ملامح منهجيه في الحوار الدعوي، تلك المنهجية التي تضمن تحقيق غايات وأهداف الحوار، بحيث لا نكون مثل من ينفخ في رماد أو يصيح في واد عندما نقتحم هذا الميدان
جاء هذا البحث ليسلط الضوء على الحوار الدعوي في القرآن الكريم وبيان منهجيته وأساليبه ووسائله وذلك من خلال حوارات يوسف عليه السلام في القرآن الكريم.