ساهمت التغيرات الراهنة على الساحة العالمية في إعادة تقييم المفاهيم التقليدية، حيث لم تعد الهيمنة العسكرية العامل الوحيد لتحديد مكانة الدول، مع صعود القوى الاقتصادية وتطور التكنولوجيا تنوعت مصادر القوة، وبرزت القوة الناعمة كمفهوم مركزي، خصوصاً مع الطرح الشهير لجوزيف ناي، وأصبحت جزءاً لا يتجزأ من الاستراتيجيات الدولية، كما يظهر بوضوح في حالة الصين التي تعتمد على مزيج من القوة الناعمة والصلبة فيما يُعرف بـ"القوة الذكية"، لتعزيز تأثيرها الدولي، وتهدف الصين من خلال هذه الاستراتيجية إلى حماية مصالحها على الساحة العالمية، مع تقليل الاعتماد المفرط على القوة الصلبة، مع الحفاظ على جاهزيتها لمواجهة التحديات الأمنية. إلى جانب ذلك، ظهرت تكتلات مثل مجموعة البريكس كقوى اقتصادية وسياسية تهدف إلى إعادة تشكيل التوازن الدولي، ومن خلال هذه التحركات، تسعى الصين لدفع النظام نحو التعددية القطبية، مستفيدة من استراتيجيتها القائمة على "القوة الذكية" لتجاوز عقبات النظام الحالي وترسيخ مكانتها كفاعل رئيسي على المسرح العالميتتمحور الدراسة حول فرضية علمية تشير إلى أنه كلما تمكنت الدولة من استغلال وتوظيف مقومات قوتها الصلبة والناعمة بشكل فعّال ضمن سياستها الخارجية عبر استراتيجيات القوة الذكية، ازدادت قدرتها على تحقيق أهدافها الاستراتيجية بأكبر مردود وبأقل تكلفة ممكنة، وينطبق العكس أيضاً في حال إخفاقها في ذلك