يهدف هذا البحث إلى دراسة قضية "موهم التعارض" في تفسير الإمام القرطبي (ت. 671هـ) من خلال سورة النساء، بوصفها من السور التي تضمنت نصوصاً قد يُظنُّ بينها تعارض ظاهري، لا سيما في الأحكام الشرعية والموضوعات الاجتماعية. اعتمد البحث المنهج التحليلي الاستقرائي لرصد مواطن إشكال التعارض المحتمل في تفسير "الجامع لأحكام القرآن"، وكيفية تعامل القرطبي معها عبر أدوات التفسير المختلفة. من أبرز النتائج التي توصل إليها البحث التمييز بين التعارض الحقيقي والظاهري: حيث يرفض القرطبي فكرة التعارض الحقيقي بين النصوص القرآنية، ويعتمد على الجمع والتوفيق أو الناسخ والمنسوخ لحل ما يُتوهم تعارضه، كما في آيات الميراث (النساء: 11-12) مع آية الوصية (النساء: 176). والاعتماد على السياق والقرائن: كحلٍّ لإشكالات مثل الجمع بين آية التعدد (النساء: 3) وآية العدل بين الزوجات (النساء: 129)، حيث يوضح القرطبي أن العدل المطلوب هو في الأمور المادية القابلة للتقسيم، لا المشاعر القلبية. والتكامل بين الأدلة الشرعية: كتفسيره للعلاقة بين الحدود الشرعية (كالحد في القذف) ومقاصد الشريعة في حفظ الأعراض. ويخلص البحث إلى أن منهج القرطبي في حل موهم التعارض يعكس رؤية تكاملية للقرآن الكريم، تقوم على التوفيق بين النصوص عبر الأدوات الأصولية واللغوية، مما يُبرز سعة علمه وقدرته على إظهار الانسجام التشريعي في القرآن.