لو نظر القارئ المدقق إلى مُجمل تاريخ مصر الإسلامية لوجد أن القرون الثلاثة الأولى للهجرة تمثل نقطة ارتقاء حضاري؛ وهذا يرجع إلى ما تميَّزت به تلك الحقبة من استقرار سياسي، وازدهار مادي غير مسبوقين الأمر الذي أسهم بدوره في بناء مؤسستها الإدارية، والاقتصادية على نحو مثير للإعجاب، والأَهْراء تعدُّ أحد أبرز تلك المؤسسات البارزة، والمُؤكِّدة على الاستثمار الأمثل للموارد الطبيعة للبلاد، وهذه الدراسة تزوِّد القارئ بطبيعة أداء الخدمات العامة بمصر خلال المُدة التاريخية المُحددة، كما ترسم لوحة مجملة لأحد عناصر لبُنى التحيَّة لهذا العصر. وفي سياقات الطرح يُلحظ أبعاد الدراسة ومراميها من أهمية الأهراء، وأوجه نشاطها، ورجالاتها، ودوائر اختصاصهم، وطبيعة المهام المنوطة بهم. كل هذا وأكثر من خلال إبراز مفهوم الأهراء ودلالاته، وكيفية بنائها، وبيان أشكالها، وتصاميمها، وأنواعها، وطبيعة أصناف الغلال الواردة إليها، ومكاييلها، وأثمانها، وطُرق نقلها، ومهام القائمين على أمرها، وتحتوي الدراسة التي بين أيدينا على تمهيد  ذكرت فيه "ماهية الأَهْراء ودلالاته، وأهميتها"، تلاه المبحث الأول وفيه أوقفت القارئ على "بناء الأهراء، وأنواعها"، وفي المبحث الثاني ناقشت فيه: "أصناف الغلال الواردة للأهراء، ومكاييلها، وأثمانها، وطُرق نقلها"، أعقبه المبحث الثالث وفيه "القائمون على أمر الأهراء"، ثم ذيَّلت هذا بخاتمة أشرت فيها لأبرز النتائج التي توصلت إليها، تلى ذلك ملاحق، ثم ثبت بالمصادر والمراجع.