تزخر كتب النحاة بقواعد اعتمدوا عليها في توجيهاتهم النحوية، فهي ظاهرة بارزة في كتبهم، جعلوا منها منهجًا يسيرون عليه في مناقشاتهم، ومعالجتهم للقضايا النحوية، وهي عبارة عن قواعد كلية استدلّ بها النحاة على صحة مذهب من المذاهب، أو رد آخر، فهي مبادئ عامة لا ترتبط بباب نحوي، ولكنها ترد عارضة خلال معالجة النحاة للقضايا النحوية، ويرسلها النحاة على أنها كلية تصدق على ما يماثل ما يعالجونه من التراكيب، بحيث لا تختص بباب دون غيره، وقد استوقفتني تلك القواعد التي جعلها النحاة معاييرًا لأحكامهم؛ لما لها من أثر في الخلاف النحوي، فحاولت تتبعها في كتب النحاة، وعرضها على التراكيب المختلفة، محاولة ربط المسائل المتشابهة للوقوف على مدى اطراد هذه القواعد، مما يفتح الباب للتفتيش في أبواب النحو، ومناقشة المسائل، وتكرار النظر في تراثنا اللغوي، وما قدمه علماؤنا من معالجة لقضايا النحو بما يضمن استمرار الحركة العلمية، وهذه القواعد شائعة في كتب الأصول، وكتب الخلاف النحوي، فلم يخل منها كتاب نحوي، ومن أهم الكتب التي اعتمدت عليها في دراستي كتاب الخصائص لابن جني، والإنصاف للأنباري، واللباب للعكبري، ثم قمت بتقصي القواعد التي ذكرها مؤلفو هذه الكتب في كتب النحاة الذين جاءوا بعدهم، للوقوف على ماهية توظيفهم لتلك القواعد، وقد اقتضت طبيعة البحث أن يتكون من مقدمة ذكرت فيها هدفي من البحث ومنهجي فيه، وتمهيد بينت فيه مفهوم قواعد التوجيه، وبيان ماهية توظيف النحاة لها في كتبهم، وسماتها. ومبحثين أحدهما درست فيه قواعد التوجيه النحوية، والآخر لقواعد التوجيه الصرفية، ثم زيلت البحث بخاتمة ذكرت فيها أهم ما توصل إليه البحث من نتائج، وثبت للمصادر والمراجع.