واجهت المرأة في العصور الوسطى تمييزاً مجتمعياً وسيطرة ذكورية واضحة، وحوصرت بين تناقضات مجتمعية بين كونها "حواء" الإغوائية و"العذراء مريم" الطاهرة. بالرغم من هذه التحديات، ساهمت النساء في الأنشطة الاقتصادية المختلفة، بجانب دورهن في رعاية المنزل والأسرة. لم تكن المرأة مُستبعدة تماماً من المشاركة في الحروب الصليبية، بالرغم من المنع الصريح الذي تضمنه خطاب البابا أوربان. لقد ساهمت المرأة بدور كبير في الجبهة الداخلية من خلال توفير الدعم النفسي، والإشراف على الأنشطة الاقتصادية، والتعامل مع الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي نجمت عن غياب الرجال في الحرب. وأضيفت إليها أعباء ومسؤوليات جديدة، مثل: إدارة الممتلكات وإعالة الأسرة بسبب غياب الزوج. لقد خلقت الحروب الصليبية فرصاً لبعض النساء لممارسة السيطرة على ممتلكاتهن في ظل غياب الرجال. كذلك تعرضت بعض النساء للعنف أو المضايقات أثناء غياب أزواجهن في الحرب المقدسة. كما كان على بعضهن التعامل مع التحديات القانونية والاجتماعية التي نتجت عن غياب الأزواج في الحروب الصليبية. تهدف هذه الدراسة إلى استعراض التأثيرات النفسية والاجتماعية التي واجهتها النساء في الغرب الأوروبي بعد غياب أزواجهن للمشاركة في الحملات الصليبية. وذلك من خلال المحاور التالية: أولاً، كيفية أن غياب الأزواج للمشاركة في هذه الحملات خلق تحديات نفسية واجتماعية للنساء، تراوحت بين مشاعر القلق والاكتئاب والخوف من المستقبل، وكيف انعكست هذه المشاعر في الأغانِي الأوروبية. ثانياً، التغيرات التي طرأت على أدوار النساء في المجتمعات الأوروبية، حيث تولين مسؤوليات جديدة في إدارة الممتلكات والأنشطة الاقتصادية. ثالثاً، تناول التحديات الاجتماعية المتعلقة بزواج الأرامل أو النساء اللواتي لم يعد أزواجهن من الحروب الصليبية، وكيف تعاملت الكنيسة والمجتمع مع هذه المسألة.