كثيراً ما يُثير أعداء الإسلام مسألة التعارض والتناقض في الشريعة الإسلامية، سواء كان ذلك بين آيات القرآن بعضها مع بعض، أو بين أحاديث الرسول (ﷺ) بعضها مع بعض، أو بين القرآن من جهة والسُّنَّة من جهةٍ أخرى، وغايتهم نشر الشُبُهات لكي يُضلُّوا بصنيعهم هذا أتباع الدِّين، ويُدخلوا الشَّك والرَّيْب في قلوبهم.
ولقد تبوأت مسألة (التعارض بين نصوص الوحيين) الصدارة في قائمة الشُبُهات والأضاليل التي قاموا ببثِّها ونشرها بين المسلمين، فبحثوا عن المواضع التي توُهِم بأنَّ فيها تناقضًا واختلافًا، وأصبح هذا زادهم اليومي في تضليل المسلمين وتشكيكهم في هذا الدِّين الحنيف الصافي، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
ولقد قيَّض الله () لخدمة كتابه وسنة نبيه (ﷺ) وللتصدي لمثل هذه الهجمات المستعرة: علماء أفذاذًا يدرسون ويقابلون ويستنبطون ويُزيلون ما يُوهم التعارض المزعوم.
وممن برز لخدمة نصوص الوحيين، تفسيرًا وشرحًا ودراسةً ودرءًا لما يقع من أغاليط الأفهام السقيمة: العلامة المحدث الأصولي المفسر الحافظ (ابن حجر العسقلاني) رحمه الله رحمة واسعة.
وقد وفقني الله () إلى اختيار دراسة منهجه في درء موهم التعارض بين الكتاب والسنة من خلال سِفْرِه المبارك (فتح الباري بشرح صحيح البخاري)، ولقد اعتمدت على خالقي، وأجمعت أمري مستعينًا به () فهو خير من يُستعان به، وهو نعم المولى ونعم النصير، وقد أسميت هذا البحث:
(منهج الحافظ ابن حجر في دفع التعارض المتوهم بين القرآن والسنة)
والله أسأل أن يوفقني فيما رُمت إليه، ويجعل لي سبيلًا إلى الصواب والسداد، فما كان من التوفيق فمن الله وحده، وما كان من خطأٍ أو زللٍ فمني ومن الشيطان، وصلي الله وسلم على نبينا محمد وعلي آله وصحبه أجمعين.