إن الوعي السياسي لدى الفرد يترسخ بفعل التراكم المعرفي والتعرض للمظاهر والأحداث السياسية التي تنمي طريقة الاستدلال لفهم معطيات واقعه والتفاعل معها من منظور الإطار القيمي الذاتي الذي يمثل الوعي بوصفه محصلة التأثيرات والأنساق التي يصيغها المجتمع لتكون بمثابة منظار يدرك بها الواقع، فضلًا عن تأثير الفواعل الاجتماعية والسياسية بوصفها إحدى مصادر التحفيز لانخراط الفرد في الفعاليات السياسية ورسم انطباعاته حول مضامينها، ومن هنا خصصت مشكلة البحث لمعرفة مصادر الوعي للمجتمع العراقي لكون تأثيرها ينصرف إلى دوافع الحركات الاجتماعية والممارسات السياسية، لاسيما فيما يتعلق بالعملية الانتخابية وتحديدًا ما بعد العام (2019) بوصفها الوسيلة الديمقراطية لإفراز النخبة السياسية، وتحديد من يتولى إدارة السلطة وتوجيه اهتماماتها، ومن ثم تصبوا فرضية البحث إلى أن مصادر الوعي المدنية الديمقراطية القائمة على التنظيم المؤسسي باعثة للاستقرار ومحفزة للمشاركة السياسية الحرة التي تجعل الحركات الاجتماعية منسجمة في إطار التفاعلات السياسية ومنتجة في تقويم النظام السياسي وتعظيم نتائج مخرجاته، ولبلوغ نتائج البحث  اعتمد على منهج التحليل النظمي بحكم المدخلات التي تمثلها مضمون الحركات الاجتماعية وما أفضت إليها من واقع سواءٍ على مستوى التشريعات أو السياسات الرسمية، وكذلك الممارسات للقوى السياسية المسؤولة عن إدارة السلطة التي تعد بمجملها مخرجات أسهمت ببلورة وعي الناخب العراقي وحددت ملامح اختياراته بحكم النتائج التي خلص إليها البحث من جانب إدراك الناخب العراقي، وتأثير على مسار العملية الانتخابية التي أنتجت فوز قوى سياسية جديدة وترجيح كيانات على أخرى بفعل أدائها لا انتمائها الاجتماعي؛ وقد ظهر ذلك جليًا في مضمون البرامج الانتخابية للقوى السياسية المتنافسة، ومن ثم جاءت توصيات البحث لتقديم حلول ومبادرات إصلاحية لتطوير الأداء السياسي والمؤسسي الكفوء للفواعل السياسية والاجتماعية وتنمية الوعي السياسي لدى الناخب العراقي.