اللغة العربية تتمتع بعدة صفات تؤهلها للبقاء والاستمرار في أداء رسالتها فهي تمتاز بالغنى والقوة والمرونة، وهي قابلة لتطور الحياة، وأنها قاومت من صروف الدهر وخصومة الأعداء ما لم تقاومة لغة أخرى مما يدلنا على أن اللغة العربية تتمتع بحيوية عظيمة، وقد اتجهت الجامعات في العالم العربي كله حديثًا إلى الاهتمام بدراسة المعاجم وإدخالها ضمن مناهج الدراسة المتخصصة وازداد إقبال دور النشر على إصدار المعاجم العامة والمتخصصة، وتعتبر مقدمات المعاجم مهمة جدًا ، لما تحويه من نظريات علمية تطبق داخل المعاجم ، كما في مقدمة العين، كما أن المقدمات في بعض المعاجم تؤرخ للمدارس اللغوية الأولى كما في مقدمة التهذيب، وذلك ما حدا بالمتخصصين في الدراسات اللغوية أن يفردوا المقدمات بالطبع والنشر والدراسة، كما أن المقدمة تحمل في طياتها الدافع والهدف وخطة المعجم ومنهجه ، وحَرِص القدماء في غالب الأمر على استهلال كتبهم بمقدمة فيها كثير من هذه العناصر إن لم تكن كلها، ولما كان معجم ( تاج العروس من جواهر القاموس) للسيد محمد مرتضى الحسيني الزبيدي ( المتوفى 1205هـ) هو أوسع معاجم المتأخرين وأشهرها أحببت أن أدرس مقدمته، وأدرس ما جاء فيها حتى يتضح لنا مطابقة ما جاء فيه مع ما في المقدمة، ويظهر مدى ما حققه بين النظرية والتغيير الذي حدث والتطبيق، وذلك لمكانته عند دارسي اللغة المحدثين، إذ نوهوا به في كتبهم وفي مسيرة المعاجم العربية.