ولد نجيب محفوظ في بيئة إسلامية لأسرة مسلمة، نشأ على تعاليم الدين الإسلامي، حفظ القرآن صغيرا في كتاب الشيخ بحيري، وكان أول صيامه لشهر رمضان كاملا في السابعة من عمره، كما كان لحي الحسين أجواءه وروحانياته الدينية التي اصطبغ بصبغتها أثر باذخ في تشكيل شخصيته وثقافته، فالمساجد تصدح بالأذان والقرآن يملأ أرجاء المكان، اختزنت ذاكرته كل هذه المظاهر والشعائر الإسلامية، وتشبعت روحه بروحانياتها، ولاقت هذه المظاهر ذهنا متوقدا وموهبة فريدة أنضجت شخصية كاتب روائي موهوب ملأ الدنيا بفكره وسعة خياله، وقد ظهرت تلك المؤثرات متشذرة في رواياته، واتخذ من معطياتها مدادا لوصف المكان والزمان والشخصيات، كما بث معتقداته وموروثاته الإسلامية في أحداثها، فبدا أثر نشأته الإسلامية في رواياته في عالم الظواهر الحسية وعالم الأشياء في ذاتها، وينهج هذا البحث منهجا تحليليا نقديا فلسفيا، يقوم على الربط بين النص الروائي والنشأة الإسلامية لمنتجه من أجل الوقوف علي النقاط النفسية والفلسفية التي يبوح بها النص من خلال شخصية نجيب محفوظ الروائية، وقد تم اختيار عينة مكونة من أربع عشرة رواية لنجيب محفوظ، وهي عينة قصدية؛ ترمي إلى تغطية جل فترات حياته وإنتاجه الروائي.