اتخذ البطالمة والرومان العديد من التدابير التي تضمن تحقيق تلك الأهداف الرامية في سياستهما تجاه أفراد المجتمع في مصر ؛ وكان من التدابير التي تحقق الاستغلال الإقتصادي الأمثل لثروات المجتمع المصري : تسجيل الأفراد هم وممتلكاتهم مع تحديد مواطنهم الأصلية و كان ذلك إدراكاً من الإدارتين البطلمية والرومانية لقضية أن العنصر البشري هو العصب الأساسي للحياة الاقتصادية في أي مجتمع من المجتمعات وبالتالي كان هناك سجلات لتعداد السكان تضم معلومات إحصائية عن أعمار الناس و ممتلكاتهم وأماكن إقامتهم المختلفة .
و كان ذلك تمهيدًا لرسم سياسة واقعية عملية عن رصد أماكن إستقرار الأفراد و تحديد الضرائب المفروضة عليهم، وفي ضوء هذه السياسة الواقعية المتصلة بتتبع مواطن الأفراد الأصلية و تحركاتهم من مكان لآخر أمكن رصد ظاهرة تدلنا عليها أدلة وثائقية متنوعة وصلتنا من مصر خلال العصرين البطلمي و الروماني وأقصد ظاهرة التغيب عن الموطن الأصلي و تحديدًا تغيب الأفراد عن مواطنهم لفترات تختلف من شخص لآخر.
وهنا تهدف الدراسة إلى تتبع تحركات الأفراد في مصر إبان حكم الرومان في ضوء مجموعة من الأدلة الوثائقية من برديات وشقافات و نقوش .