إن استقرار المجتمع وسلامة أفراده مرتبطان بالدين ارتباطاً وثيقاً، فالإسلام يُولِي اهتماماً فريداً لحماية المجتمع والحقوق بوجه عام فجعل أولى مقاصده لحفظ الدين والنفس والعقل والعِرض والمال، بل انسدل من ذلك أهدافاً نبيلة مثل تهذيب السلوك وتنقية الفكر لتشكيل حضارة سامية وبناء مجتمعاً متوازناً. يتأتى هذا خلال ركائز وضعها الإسلام لتكفل سعادة الإنسان في الدنيا والآخرة، والتي تستوعب المجتمع بكامل أطيافه فتجبر المجني عليه وتزجر الجاني دون الإخلال بمبدأ الرأفة ومراعاة الضعف الإنساني، فتبلغ بذلك ذروة قيم العدل لتحافظ على الاستقرار الإجتماعي وتحمي كرامة الإنسان وتراعي شئونه الخاصة ولا تغفل المصالح العامة، وفي ذات الوقت تُبرز دقة العدل في الموائمة بين الجريمة والعقاب دون تغول أو رجحان أحداهما فوق الآخر. إن عدالة الإسلام لتقــــف على قدم المساواة بين الأفراد دون أدنى تمييز، ولكى تُحقِق ذلك وكل ماسبق كان لزاماً عليها أن تستبق الوقوع في السلوكيات الضارة بإجراءات وقائية ذات سمات حيوية وتعاملات مرنة يستجيب لها الناس ولا يصعب تنفيذها على القائم بها. فحرص الدين على وضع خطوات تدريجية ناجعة لتنفيذ التدابير الإحترازية التي تحد من إتاحة الوقوع في الخطأ مروراً بمنع سلوكيات الإعتداء ووصولاً إلى الحيلولة دون التلبس بالجرائم, وباقتفاء تلك المراحل يُقضى عليها في مهدها. ولذا جاء هذا البحث ليكشف بشكل مفصل الخطوات الإجرائية وأهميتها في الوقاية من الجريمة، كما يناقش بدقة كيف عالج الإسلام السلوكيات الضارة متضمنا طرق التنفيذ.