يدور البحث حول (مَنْزِلَة الصَّحَابَةِ فِي الشِّعْرِ الأنْدَلُسِيّ) ، وقد آثرتُ هذا الموضوع ؛ لِمَا له من أهمية ؛ حيث إنه يتيح التعرُّف إلى مكانة الصحابة عند المسلمينَ لا سِيَّمَا أهل الأندلس الذين تَمَكَّنَتْ - من كثير منهم - العقيدة السُّنِيَّة التي تقوم على توقير جميع الصحابة ، واعتقاد حُرْمَتِهِمْ ، وحَمْل ما شَجَرَ بينهم على التأويل الشرعيّ ، ودفْعِ التُّهْمَة عنهم بما يحفظ لهم منزلتهم ، لا سيما أن أعداءَ الإسلام يبذلون جهدًا كبيرًا ؛ بُغْيَةَ النيل من الصحابة ، وتشويه صُوَرِهم ؛ لتحطيم ثوابت هذا الدين ، ومن ثَمَّ دعت الحاجة إلى بيان منزلتهم .
ولهذه الدراسة أهميةٌ أخرى حيث إنها تعرض بعض أخلاق الصحابة الكِرَام ، تلك الأخلاق التي تُعَدُّ قِيَمًا إيمانيَّة سامية ، ما أحوجَ مجتمعاتنا الإسلاميَّة إليها اليوم وهي تخوض غِمَار التنمية البشرية التي لا قِوام لها من غير إنسان ذي شخصية مُؤَسَّسَةٍ على قِيَم الإيمان والتقوى ، مُقْتَدِيَةٍ بِسَلَفِهَا الصالح المُتَمَثِّل في الصَّحْبِ الكِرَام ؛ فآخرُ هذه الأُمَّة لا يَصلُح إلا بما صَلُحَ به أَوَّلُهَا .
وقد جاء البحث في مقدمة وتمهيد وثلاثة مباحث وخاتمة على النحو الآتي :
يتناول التمهيد : (مصطلح الصحابيّ) ، مع ذِكْرِ الأدلة التي يُعرَف بها ، وعدد الصحابة ، وبيان الخلاف الوارد في ذلك .
ويجيء بعد التمهيد المبحثُ الأولُ ، وعنوانه : مَدْحُ عُمُومِ الصَّحَابَةِ فِي الشِّعْرِ الأنْدَلُسِيّ ، ويتناول : دوافع مَدْحِ شعراء الأندلس للصحابة الكرام ، وتتمثل في : ثناء الله عليهم في الكتب المُنَزَّلة ، وثناء النبي (ﷺ) عليهم ، وصحبتهم له ، والأجر العظيم الذي يناله مَنْ يمدحهم .
ومظاهر هذا المدح ، وتتمثل في : دعاء الأندلسيين للصحابة ، واعترافهم بمناقبهم ، ودعوتهم إلى وجوب الاقتداء بالصحابة ، ورثائهم لهم .
ثُمَّ جاء المبحث الثاني الذي حَوَى مَدْحَ الصَّحَابَةِ مِن الأنْصَارِ فِي الشِّعْرِ الأنْدَلُسِيّ ، ورَصَدَ بَعْضَ مآثرهم ، التي تتمثل في : سبْقهم إلى الإسلام ، وحُبِّهم المهاجرين ، واتصافهم بالإيثار ، وتحليهم بالشجاعة .
ودار الحديث في المبحث الثالث عن الدِّفَاع عَنِ الصَّحَابَةِ فِي الشِّعْرِ الأَنْدَلُسِيِّ متضمنًا مظاهر ذلك من ذمِّ شعراء الأندلس مُنْتَقِصِي الصحابة ، وتَبَرُّؤِهِمْ مِمَّن يَسُبَّهُمْ ، ودعائهم على مُنَاوِئِيهِمْ .
وانتهى البحث بخاتمة اشتملت على أبرز النتائج التي خرج بها البحث .