416275

أَسْــــبَابُ قَلَقِ المَوتِ عِنْدَ ابْنِ خَفَاجَة

Article

Last updated: 29 Mar 2025

Subjects

-

Tags

-

Abstract

المَوتُ حَقِيقَة مُؤَكَّدَة يُدْرِكُهَا البَشَرُ ، وتُصِيبُهُمْ بِالقَلَق ، إِمَّا لأَنَّهُمْ غير مُسْتَعِدِّينَ لِلِقَاءِ رَبِّهِمْ ، وخَوفًا مِنَ الحِسَاب ، وإِمَّا لِحُبِّهِم الحياة ، وتَمَسُّكِهم الشديد بها ، وإما لأنهم يَخَافُونَ مِنْ فِرَاقِ ذَوِيهِمْ ، ومِنْ هُنَا يَنْشَأُ التوترُ النفسيُّ والصراع الداخليّ بين حُبِّ الحياة والتَّمَسُّك بها ، والواقع الذى يَفْرِضُ عَلَى المَرْءِ العَجْز والموت .
ويرتكز موضوع البحث على دراسة أَسْبَابُ قَلَقِ المَوتِ عِنْدَ ابْنِ خَفَاجَة
ويَرْصُدُ هَذَا البَحْث أسباب قلق الموت في شعر ابن خفاجة الأندلسيّ (ت533هـ) ، ويسعى لِعَرْض طريقة تفكير هذا الأخير ، وإظهار قلقه الشديد من الموت ، بَعْد أَنْ تَقَدَّمَتْ سِنُّهُ ، وأصبح مغلوبًا على أمره عن طريق قراءة النصوص الشعرية قراءةً دقيقة مُتعمقة ؛ لنرى إلى أي مدى بلغ تأثير قلق الموت في الإبداع الشعري لدى ابن خفاجة.
وأَتَّبَعْتُ في هذا البحث المنهج الوصفيّ ؛ لأنه يتناسبُ مَعَ رَصْدِ ظاهرة قلق الموت في شعر ابن خفاجة الأندلسيّ ، ويساعدُ على تَفْسِيرِهَا ، وتوضيح ما فيها من قيم جماليَّة ، إلى جانب المنهج النفسيّ ، الذي يَنْظُرُ إلى إبداع الفَنَّان بوصفه استجابة مُعَيَّنة لِمُؤَثِّرَاتٍ خَاصَّة دالَّة على نفسيَّة صاحبه .
     وقد جاء البحث في تمهيد وفصل وخاتمة على النحو الآتي :
فالتمهيد يتناول : مُصْطَلح قَلَق المَوت فقد قًمت بتعريف مصطلح قلق الموت ، وغيرُ خَافٍ أَنَّ القلق من الموت أمر شائع بين الناس ؛ فالناسُ جَمِيعًا يخافون الموت ، وكَأَنَّ الخوفَ من الموت وحُبَّ الحياة وَجْهَانٍ لِعُمْلَةٍ وَاحِدَة .
 والنَّظَرِيَّاتُ المُفَسِّرَة لِقَلَقِ المَوتِ و لقد اهتمت نظريات عِدَّة بِتَفْسِير قَلَق المَوت ، وَبَيَّنَتْ تأثيره في الإنسان ، وكان لكل نظريَّة وِجْهَة نَظْر مُبَايِنَة لِلنَّظَرِية الأُخْرَى ، ومنها : نَظَرِيَّةُ التَّحْلِيلِ النَّفْسِي ، و النَّظَرِيَّةُ السُّلُوكِيَّة ، و النَّظَرِيَّةُ المَعْرِفِيُّة ، النَّظَرِيَّةُ الوُجُودِيَّةُ، ونَظَرِيَّةُ إِدَارَةِ الرُّعْبِ.
نُبْذَة عَنْ ابْن خَفَاجَة تحدثت فيها عن نشأة الشاعر والمراحل التي مر بها في حياته وصفات كل مرحلة وتأثيرها في مَسلَك الشاعر وشخصيته . 
أما ابحث فعنونته بـ (أَسْبَابُ قَلَقِ المَوتِ عِنْدَ ابْنِ خَفَاجَة )، وانقسم إلى ثلاث مباحث : المَبْحَثُ الأَوَّلُ : البَوَاعِثُ الشَّخْصِيَّة وفيه: مَوتُ الفُجَاءَةِ الذي شمل موت ابن أُخته مُحمد وموت أصدقاء شبابه ، وكان ذلك من الأسباب التي أظهرت مرض قلق الموت لدى الشاعر.
وشَيبُ الرَّأْسِ  كّثُر حديث الشاعر عن الشيب كثيرًا ، فظهور الشيب لديه ارتبط بقرب النهاية ؛ فكان الشيب عبئًا ثقيلًا على الشاعر ؛ فالشيب نذير الموت. 
   وعُزُوفُهُ عَنِ الزَّوَاج لم يتزوج ابن خفاجة وعاش حياة لهو ومجون؛ فلم يكن لديه في كِبره الصوت الآخر الذي يؤنس وحدته ؛ فكان ذلك سبب من الأسباب التي أدت إلى ظهور قلق الموت 
      والمَبْحَثُ الثَّانِي : البَوَاعِثُ السِّيَاسِيَّةُ ، وفيه: سُقُوطُ طُلَيطُلَة سَنة 478هـ ،و كان سقوط طُلَيطُلَة حادثًا مُفزِعًا هز كيان الشاعر بل والأندلس كُلها لأنها كانت  أقوى حصن في الأندلس.  حِصَارُ بَلَنْسِيَة (487هـ - 495هـ) حاصر السيد الكمبيطور بَلَنْسِيَة وعندما دخلها أثار الفزع والرعب في نِفوس أهلها وأحرق عدد من زُعمائها ، فرحل ابن خفاجة إلى المغرب وذاق مرارة الغربة وبعده عن بلده ، وعبر عن حُزنه بعد حريقها على يد النصارى بشعر باكي يعبر عن الخراب الذي لحق بها .  
     والمَبْحَثُ الثَّالِثُ : البَوَاعِثُ الاجْتِمَاعِيَّةُ ، وفيه : فَسَادُ المُجْتَمَعِ ظهر فساد المجتمع في عصر ملوك الطوائف والمُرابطين ففي عصر ملوك الطوائف اعتلى المناصب اللئيم الفاسد وأُهْمِل الكريم الفاضل أما في عصر المُرابطين فكان للفقهاء دور واضح في الحياة في سياسة الدولة ، وظهرت شخصية الفقيه الانتهازية التي تسعى إلى الكسب المادي .
الاغْتِرَابُ النَّفْسِيّ من الأسباب التي جعلت الشاعر يُسيطر عليه شعور الاغتراب الأحدث السياسية التي سادت في عصره مثل: سُقُوطُ طُلَيطُلَة سَنة 478هـ ، وحِصَارُ بَلَنْسِيَة (487هـ - 495هـ) ، وعدم زواجه وذهاب شبابه ، وموت أصدقائه .
وانتهى البحث بخاتمة اشتملت على أبرز النتائج التي خرجتُ بها ، ثم ذيَّلتُ هذه الدراسة بالحواشي . 
 
 
 
المُقَدِّمَة
الحمدُ لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذُ بالله من شُرُورِ أَنْفُسِنَا ومن سيئات أعمالنا ، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ ، ومَنْ يُضْلِلِ فَلا هَادِيَ لَهُ ، وأشهدُ أَنَّ لا إله إلا الله وَحْدَهُ لا شريكَ له ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبده ورسوله ، صَلَّى اللهُ عليه وعلى آله وصَحْبِه وسَلِّمْ تسليمًا كثيرًا .
إِنَّ المَوتَ ضَرُورَةٌ حَتْمِيَّة ، لا مَفَرَّ مِنْهَا ؛ ومشكلةُ المَوتِ هي مشكلة الصراع بين الإنسان وذاته القلقة ، وليس بخافٍ أن الإحساسَ بالخوف من الموت مِنَ المَشَاعِر التي تُؤَرِّقُ الإنسانَ وتُنَغِّصُ عَيشَهُ ؛ فإنْ مَاتَ عزيزٌ لديه ؛ فعندئذٍ يتيقنُ أَنَّهُ هو نفسه ليس بِمَنْأَى عَنْ هذا المصيرِ المحتومِ ؛ إنه يخافُ مِنَ المَوتِ ، وفي ذلك تعبيرٌ عن مَدَى تمسُّكِهِ بالحياة .
وكان موتُ مُحَمَّد ابن أخت ابن خفاجة - الذي عَدَّهُ وَلَدًا له - فجأةً ، وهو ما زال في رَيعَانِ الشَّبَابِ ، ذا أَثَرٍ عَمِيقٍ فِي نَفْسِهِ ، وغَيَّر نَظْرَتَهُ إلى الحياة مِنْ حَولِهِ ، وجعله يتَّخذُ من حادثة الموت مجالاً للتفكُّر في حقيقة الحياة ؛ مِمَّا أَفْضَى به إلى القلق الحادّ ؛ لإحساسه القويّ بَمَرَارَةِ الفَقْد ، وقد عَبَّرَ عن هَولِ الصَّدْمَة التي أذهلته حين هَاجَمَ الموتُ ابنَ أُخْتِهِ ؛ فكانت الدهشة مرادفة للحَيرَة والعَجْز عن تبرير الحدث وتفسيره .
وتَطَوَّرَ هذا الإحساس بغُمُوضِ تَجْرِبَةِ المَوتِ إلى هَاجِسٍ قَوِيّ مُخِيف يُلِحُّ عَلَيهِ ، ويَحْرِمُهُ هَنَاءَ العَيشِ ، ولَذِيذَ الرُّقَاد .
ولأنَّه شاعرٌ مُرْهَف الحِسِّ ؛ فقد نَفَذَ إلى نفسه - في مرحلة الشيخوخة - إحساسٌ حادّ بِالفَنَاء ، وخَوفٌ شديدٌ مِنْ زَحْفِ السِّنِّين ، وقلقٌ من اقتراب الأجل المُرْتَقَب ، لقد كان شديدُ الإحساسِ بدُنُوِّ الأَجَلِ ، ولَعَلَّ هذا ما دَفَعَهُ في رَيعَانِ شَبَابِهِ إلى الاستغراق في المَلَذَّات ، واغتنام فُرَص المُتْعَة ، على حين جَنَحَ في شيخوخته إلى الزُّهْد والتَّوبَة . 
وهذا الخوف المُبَالَغ فِيه ، أمرٌ غير سَوِيّ ، ودلالة على اضطراب انفعاليّ شديد ، لقد أصبح هَذَا الهَاجِسُ شُغْلَه الشَّاغِل ، الذِي يُفَكِّرُ فِيهِ دَائِمًا ؛ حَتَّى إِنَّهُ نَظَمَ أبياتًا وأَعَدَّهَا لِتُكْتَبَ على قَبْرِهِ ، وصار يتوقعُ الموتَ في كُلِّ حِين . 
أهداف البحث:
يَرْصُدُ هَذَا البَحْث أسباب قلق الموت في شعر ابن خفاجة الأندلسيّ (ت533هـ) ، ويسعى لِعَرْض طريقة تفكير هذا الأخير ، وإظهار قلقه الشديد من الموت ، بَعْد أَنْ تَقَدَّمَتْ سِنُّهُ ، وأصبح مغلوبًا على أمره ، عن طريق قراءة النصوص الشعرية قراءةً دقيقة متعمقة ؛ لنرى إلى أي مدى بلغ تأثير قلق الموت في الإبداع الشعريّ لدى ابن خفاجة .
منهج البحث :
       وأَتَّبَعْتُ في هذا البحث المنهج الوصفيّ ؛ لأنه يتناسبُ مَعَ رَصْدِ ظاهرة قلق الموت في شعر ابن خفاجة الأندلسيّ ، ويساعدُ على تَفْسِيرِهَا ، وتوضيح ما فيها من قيم جماليَّة ، إلى جانب المنهج النفسيّ ، الذي يَنْظُرُ إلى إبداع الفَنَّان بوصفه استجابة مُعَيَّنة لِمُؤَثِّرَاتٍ خَاصَّة دالَّة على نفسيَّة صاحبه .
     وقد جاء البحث في تمهيد وفصل وخاتمة على النحو الآتي :
فالتمهيد يتناول : (مُصْطَلح قَلَق المَوت ، النَّظَرِيَّاتُ المُفَسِّرَة لِقَلَقِ المَوتِ ، نُبْذَة عَنْ ابْن خَفَاجَة).
أما البحث فعنونته بـ (أَسْبَابُ قَلَقِ المَوتِ عِنْدَ ابْنِ خَفَاجَة )، وانقسم إلى ثلاث مباحث : المَبْحَثُ الأَوَّلُ : البَوَاعِثُ الشَّخْصِيَّة ، و المَبْحَثُ الثَّانِي : البَوَاعِثُ السِّيَاسِيَّةُ ، و المَبْحَثُ الثَّالِثُ : البَوَاعِثُ الاجْتِمَاعِيَّةُ .
التمهيد :
إِنَّ القلق من الموت أمر شائع بين الناس ؛ فالناسُ جَمِيعًا يخافون الموت ، وكَأَنَّ الخوفَ من الموت وحُبَّ الحياة وَجْهَانٍ لِعُمْلَةٍ وَاحِدَة .
ولقد احتلت قضية قلق الموت مساحةً كبيرة في الفكر الفلسفيّ قديمًا وحديثًا ؛ فوصفه هولتر (Hoelter) (ت1979م) بأنه « استجابة انفعاليَّة تتضمن مشاعر ذاتيَّة من عدم السرور ، والانشغال المعتمد على تأمُّل أو توقُّع أيّ مظهر من المظاهر العديدة المرتبطة بالموت » ( ) .
وأَكَّدَ تمبلر (Templer) (ت1984م) أنه « حالة انفعاليَّة غير سارَّة يُعَجِّلُ بها تَأَمُّل الفَرْد فِي وَفَاتِهِ هُو » ( ) ، وصَرَّحَ بِأَنَّ قَلَقَ المَوتِ يُحَدِّدُهُ عَامِلَينِ : حالة الصحة النفسيَّة بوجه عام ، وخبرات الحياة المُتَّصِلَة بموضوع الموت ( ) ؛ فإنَّ مَنْ يُعَانِي مِنْ خَلَل في صِحَّتِهِ النفسيَّة ، والمُصَاب بِمَرَض خَطِير ، يسيطرُ قَلَقُ المَوتِ على كِيَانِهِ ، ويُكَدِّرُ صَفْوَ حَيَاتِهِ . 
وترى ميلانى كلاين (Milanaa Klayn) (ت1960م) أن « الخوف من الموت ، هو أساس كل قلق » ( ) .
وأشار أحمد محمد عبد الخالق إلى أنَّ قَلَقَ المَوتِ « تَرْكِيب مُتَعَدِّد الأبعادِ » ( ) ، لا يشير إلى خوف مُحَدَّد ؛ إِنَّهُ نَوعٌ مِنَ القَلَقِ العَامّ ، الذي يتركز حول موضوعات مُتَّصِلَة بِالمَوتِ والاحتضار لدى الشخص أو ذويه ( ) .
 

DOI

10.21608/ins.2025.416275

Authors

First Name

أ.عايدة

Last Name

عبد العزيز علي حسن

MiddleName

-

Affiliation

باحث ماجستيرفى قسم اللغة العربية وآدابها كلية الآداب ــــ جامعة دمنهور

Email

-

City

-

Orcid

-

First Name

ا.د. محمد

Last Name

محمود أبوعلي

MiddleName

-

Affiliation

أستاذ النقد والبلاغة

Email

-

City

-

Orcid

-

First Name

ا.د. مروة

Last Name

شحاته الشقرفي

MiddleName

-

Affiliation

أستاذ الأدب بقسم اللغة العربية كلية الآداب جامعة دمنهور

Email

-

City

-

Orcid

-

Volume

2025

Article Issue

64

Related Issue

54324

Issue Date

2025-01-01

Receive Date

2025-03-08

Publish Date

2025-01-01

Page Start

369

Page End

394

Print ISSN

1687-3106

Online ISSN

3062-455X

Link

https://ins.journals.ekb.eg/article_416275.html

Detail API

http://journals.ekb.eg?_action=service&article_code=416275

Order

416,275

Type

المقالة الأصلية

Type Code

2,363

Publication Type

Journal

Publication Title

الإنسانيات

Publication Link

https://ins.journals.ekb.eg/

MainTitle

أَسْــــبَابُ قَلَقِ المَوتِ عِنْدَ ابْنِ خَفَاجَة

Details

Type

Article

Created At

09 Mar 2025