يتناول هذا البحث اختلاف القراءات الشاذة وأثره في التفسير والأحكام بين تفسيري القرطبي وأبي حيان (دراسة تطبيقية) على سورتي التوبة ويونس _عليه السلام_ ومدى أهمية الموضوع في إبراز القراءات وبيان ما فيها من الفروق التفسيرية والأحكام المترتبة على القراءة بكل وجه مما يسهم في تنوع المعاني المستقاة من الآيات وتوسيع مدلولاتها بما يخدم القرآن الكريم، وأيضًا بيان أن الاختلاف في القراءات مظهر للإعجاز البلاغي في القرآن الكريم يُظهر التكامل في المعاني والتنوع الجمالي، وأهمية الثمرات المجنية من علم القراءات القرآنية؛ منها العصمة من الخطأ في النطق بالكلمات القرآنية، وصونها عن التحريف، والدور الكبير التي تؤديه القراءات في فهم معاني القرآن الكريم وتفسيره وأحكامه، والرد على الطاعنين في القراءات، وإثبات أن هذه القراءات وإن تعددت فإنها لا تخرج عن المعهود في لغة العرب كما أنها لم تُحدث تناقضا في كلام الله _تعالى_ بل كانت سببًا في إثراء المعاني وتكثيفها مع مزيد من الوضوح والبيان، والكشف عن اعتناء المفسرين والفقهاء بأثر القراءات الشاذة في التفسير والأحكام، وبيان أن القراءات سُنَّة متبعة تؤخذ عن طريق التلقي والرواية. وأن للقراءات الشاذة أثر مهم في توجيهها للمعاني التفسيرية بكل أنواعها؛ فمن خلال البحث برز لها أثر في المعاني العقدية، والمعاني الفقهية، والمعاني اللغوية؛ وهي مؤثرة في ترجيح معنًا تفسيريًا على آخر سواء كان لغويًا أو عقديًا أو فقهيًا. ويستفاد من القراءات الشاذة في باب الأحكام الشرعية، أنها تكون لتأسيس حكم اعتقادي، أو عملي، أو ترجيح حكم على حكم، أو تأكيدًا لحكم أو تقويته، وحَفَلَ تفسير (البحر المحيط للإمام أبي حيان) وكذلك (أحكام القرآن للإمام القرطبي) بكم زاخر جدًا من القراءات، وهما بهذا مرجع هام للقراءات والأحكام. وتبين ذلك من خلال عرضهما في هذين المبحثين وأفادا بقدر لا يخرجهما عن مجال اختلاف القراءات الشاذة وأثره في التفسير والأحكام وبعض الجوانب المتعلقة بهذا الموضوع.