ويسعى هذا البحث للتعرف إلى شخصية المنصور بن أبي عامر من خلال تَتَبُّع سيرته التاريخيَّة كما وردت في المصادر الأندلسية، وإبراز صورته في شعر شعرائه ممدوحًا ومُعَاتبًا ومَهْجُوًّا، وقد تَجَلَّتْ صُورَتُهُ - بوضوحٍ - عند عددٍ مِنْ شُعَرَاءِ بَلاطِهِ، وتفاوتت مِنْ شَاعِرٍ إلى آخر، إِمَّا بكثرة مدحه له، وإمَّا باستعطافه إياه لإخراجه من السجن، وإِمَّا بهجائه .
ولم تُخَصَّصْ دراسة فنية مستقلة منفصلة - فيما أعلم - تناولت هذا الموضوع، وإنما وُجِدَتْ دراسات تناولت الحياة السياسيَّة للدولة العامريَّة في الأندلس بصورة عامَّة، وقد حَاوَلْتُ استجلاء ما تَمَيَّزَتْ به صورة المنصور بن أبي عامر في عيون الشعراء، عن طريق رَصْد نظرة شعراء الأندلس له، وتوضيح أثره البارز فيهم .
هناك دراسة تناولت (الدولةالعامريَّة في الأندلس؛ دراسة سياسيَّة وحضاريَّة) ( )، وانقسمت إلى أربعة أبواب، وعَرَضَ الباب الأول : ظهور مُحَمَّدَ بن أبي عامر، واستبداده بالسُّلْطَة، دُوَن الخليفة هِشَام المُؤَيَّد بالله، ورَصَدَ الباب الثاني : الأحوال الداخليَّة للدولة العامريَّة في عهد عبد الملك وعبد الرحمن وَلَدَي المنصور، ودَرَسَ الباب الثالث : العـلاقات الخارجيَّة للأندلس في عهد المنصور وفي عهد ولديه عبد الملك وعبد الرحمن، وخُصِّصَ الباب الرابع لدراسة : أهم مظاهر التطور السياسيّ والحضاريّ في الدولة العامريَّة وتوجد دراسة تناولت (محمد بن أبي عامر المعافري في الشعر الأندلسي) ( )، وانقسمت إلى ثلاثة أقسام : القسم الأول : عَرَضَ حياة محمد بن أبي عامر المَعَافِرِيّ منذ ولادته، مُرُورًا بِتَوَلِّيهِ الحِجَابَة، وَمَا جَرَى مِنْ أَحْدَاثٍ جَمَّة ؛ فَغَزَوَاته، ثُمَّ وَفَاته، والقسم الثاني : اقتصر على مَنْ خَلَفَ المَنْصُور مِنْ أَبْنَائِهِ ؛ حَتَّى نِهَاية الدَّولَة العَامِرِيَّة، والقسم الثالث : رَصَدَ الحياة الأدبيَّة في حياة المنصور بن أبي عامر، وسَرَدَ فيه الأدباء والشعراء والعلماء الذين عاصروا المنصور، وشعرهم فيه، دون أن يتطرق لصورة المنصور في شعرهم .
وقد جاءت الرسالة في تمهيد،و فصل، وتناول التمهيد : المنصور بن أبي عامر ؛ سيرة تاريخيَّة، وفيه تحدثت عن : نسبه وأصله ونشأته، وكيفية وصوله إلى الحكم، وسياسته في إدارة الدولة، وانهيتُ بوصيته لولده عبد الملك، ووفاته.
وتناول البحث صورة المنصور بن أبي عامر القائد الشجاع .
واتَّبَعْتُ المنهجَ الوصفيّ في هذه الدراسة بشكل عام، من خلال رَصْد صورة مُحَمَّد بن أبي عامر في عيون الشعراء مدحًا وهجاءً، إضافةً إلى المنهج الفَنِّيّ في تَذَوُّقِ الشعر