تعد التجربة الاقتصادية لسنغافورة من أكثر التجارب الاقتصادية تأثيراً ، فهى قصة نجاح ملهمة على المستوى الاقتصادي، من خلالها وضعت سنغافورة خطة طموحة لتحقيق التنمية الاقتصادية والتي ساهمت فيها الموانئ البحرية بدور رئيسي وفعال؛ فكانت الموانئ بمثابة المحرك والقلب النابض لخطة التنمية؛ لذا كان لابد لنا أن نضع تلك التجربة الملهمة قيد البحث والدراسة، لنتناول من خلاله طبيعة الدور الاقتصادي للموانئ البحرية؛ حيث يتسم هذا الدور بالتنوع والازدواجية فمن ناحية يلعب الميناء دوراً اقتصادياً مباشراً أثناء قيامه بدوره الخدمي واللوجستي ومن ناحية أخرى تؤدى الموانئ البحرية دوراً اقتصادياً غير مباشر؛ وذلك من خلال تأثير الموانئ البحرية على القطاعات الاقتصادية الأخرى كالصناعة والاستثمارات الأجنبية والمساهمة في خفض معدلات البطالة وتحقيق التنمية المستدامة.

فعلى الرغم من أن الموانئ البحرية لها أهمية كبرى للاقتصاد ، بما تقوم به من وظائف اقتصادية عبر أنشطتها المتنوعة ، إلا أنه لابد لنا أولا من التعرف على عناصر وماهية ذلك الدور الذى تقوم به ، وهل حقاً تكفى الموانئ البحرية وحدها لكى تقوم عليها خطة التنمية الاقتصادية؟ ، أم أن هناك عوامل أخرى لابد لها أن تتضافر سوياً لإنجاح تلك الخطة فى إطار ما يعرف بالخطة الاقتصادية الشاملة، وللإجابة على تلك التساؤلات فكان لابد لنا من خلال هذا البحث أن نتعرف على التجربة الاقتصادية الرائدة لسنغافورة ، وكذلك فهم الدور الذى لعبه ميناء سنغافورة البحري فى سبيل إنجاح خطة التنمية الاقتصادية للبلاد.