لم تخضع بدايات الاستشراق الإسباني وروافده إلى دراسات علمية وافية، ولعلَّ ذلك يعود إلى قلة الدراسات التي تناولت هذا الاستشراق، إذ لم تُدرج هذه القضية ضمن أولوياتها الأساسية، كما أنها لم تكن لتتصور بأن لهذه المسألة أهمية بالغة لمعالجة تصورات هذا الاستشراق علمًا أنَّ الاستشراق الإسباني يُعَدّ أقدم المحاولات الاستشراقية التي عرفتها أوربا، إذ يرجع تأريخه إلى بداية الوجود الإسلامي في بلاد شبه الجزيرة الأيبيرية، وتحديدًا منذ أنّ وطأت أقدام الفاتحين أراضي هذه البلاد سنة (92هـ/711م). يُعَدّ المستشرق خوسيه أنطونيو كوندى (José Antonio Conde) واحدًا من أبرز المستشرقين الإسبان الذين كرسوا جهدهم لدراسة تاريخ المسلمين في الأندلس، مُحققًا تراثًا علميًا في وقت لم تكن العربية منتشرة في إسبانيا بشكلٍ كبير والناس تجهل أسرار هذه اللغة، ولم تكن هناك قواميس يمكن الاستعانة بها رغم ذلك ابدع كوندي بتأليف كتابه الموسوم "تاريخ حكم العرب في إسبانيا" معتمدًا على وثائق ومخطوطات عربية، فأنصف الحضارة الإسلامية في الأندلس، الأمر الذي جعله أنَّ يكون عرضة لآراء بعض المستشرقين المتعصبين الذي لم يتوانوا في القدح به والنيل منه. ولضرورة تقتضيها طبيعة البحث انتظمت الدراسة بمقدمة ومبحثين وخاتمة، حمل المبحث الأول عنوانًا الجذور التاريخية للاستشراق الإسباني، أما المبحث الثاني فانتظم بعنوان المستشرق خوسيه أنطونيو كوندي وجهوده العلمية في دراسة تاريخ الأندلس. أما الخاتمة تجسدت فيها أبرز النتائج التي توصل إليها الباحث معتمدًا على المنهج التاريخي القائم على التحليل والنقد.
 
الاستشهاد المرجعي بالدراسة:
قاسم عبد سعدون الحسيني، "المستشرق الإسباني خوسيه أنطونيو كوندى بين جدلية الرأي واختلاف الحقائق".- دورية كان التاريخية.- السنة الثامنة عشرة- العدد السابع والستون؛ مارس 2025. ص 172 – 187.