يعتبر جنوح الأحداث من أهم موضوعات القانون الجنائي، حيث تتعدد صوره وتتنوع أشكاله، حين لقي الجنوح بيئة افتراضية ينمو فيها، وهو ما جعل الأحداث الجانحين يميلون بل يتعلقون ويرتبطون بهذه العوالم الافتراضية؛ بسبب سهولة الوصول إليها وعدم وجود قيود عليها، وهذا برمته جعل جنوح الأحداث يتفاقم أثره ويصعب ضبطه حين ظهر الجنوح في العالم الافتراضي بصور غير مألوفة، حيث شهد العالم مؤخرًا تزايد في معدلات الجريمة، والتي يضلع في ارتكابها ويتورط بها الأحداث بشكل خاص سواء كان بقصد أو بدون قصد، بيد أن السياسة الجنائية حاولت مواكبة هذا التطور التقني الذي صاحبه ظهور أنواع جديدة من الجرائم على الساحة الإجرامية والتي أصبحت تهديدًا يهدد واقع الأحداث الجانحين؛ لأن جنوحهم عَابر للحدود الإقليمية بفضل هذه العوالم التي لا حدود تحدها، واعتمدت التشريعات الجنائية على وسائل تكافح بها ظاهرة جنوح الأحداث في العالم الافتراضي من بين أساليب وقائية ونصوص تجريم عقابية. وقد تصدى المنظم السعودي للحد من ظاهرة جنوح الأحداث في العالم الافتراضي وذلك بموجب نظام الأحداث، الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/113) بتاريخ 19/11/1439هـ، ونظام مكافحة جرائم المعلوماتية الصادر بمرسوم ملكي رقم (م/17) بتاريخ 8/3/1428هـ. وقد خرجت الباحثة بعدد من النتائج، ومن أهمها: أصبحت العوالم الافتراضية بيئة خصبة يلجأ إليها الأحداث نظرًا لما تقدمه من التسهيلات التي تضاعف مشكلة الجنوح لديهم، وكذلك لم يحظ جنوح الأحداث في العالم الافتراضي باهتمام العديد من التشريعات الجنائية. وأما أهم توصيات هذه الدراسة فهي: الحث على إصدار قوانين لتنظيم الفضاء السيبراني، مما يسهل الإجراءات القانونية، وفي ذات الوقت يمنع حالة التنازع في الاختصاص القانوني، وكذلك العمل على تطوير السياسة الجنائية بسمو دورها الفعال الذي يساهم في الحد من تفشي ظاهرة جنوح الأحداث في العالم الافتراضي الذي أضحى خطرًا محدقًا بالإنسانية، فمع سن قوانين محكمة لتجريم هذا النوع وعقوبات رادعة، والوقوف على التنفيذ الصحيح لتلك النصوص وتكاتفها مع سبل الوقاية من الجنوح يعد ذلك عاملًا رئيسيًا مهمًا في جني الفائدة المرجوة من السياسة الجنائية.