يحاول البحث استخلاص النزعة الإنسانية في مذهب الحنابلة، من خلال تحليل بعض المفردات التي يظهر فيها هذا المعنى الإنساني، كإباحة ثمر البستان للمار به من غير ضرورة، وإيجاب الدية على من منع طعامًا لمضطر إليه حتى مات، وتحميل الدية لمجموع من حضر قتيلًا خطأ كانوا سببًا في قتله، كما في مسألة الزُّبْيَة، وقد صبت تلك الفروع في بوتقة ما يعرف الآن "بحقوق الإنسان"، من حيث إن الفرع الأول داخل في الحق في الغذاء، والثاني داخل في الحق في الحياة ــ أو حفظ النفس ــ إيجادًا، والثالث داخل في الحق في الحياة ــ أو حفظ النفس ــ عدمًا، وليس تخفى العلاقة بين حقوق الإنسان والنزعة الإنسانية، وهذه الفروع الفقهية لبنة في صرح الحضارة الإسلامية التي وصفت أوصافًا كثيرة كان أهمها الوصف بـ"الإنسانية" في المقام الأول؛ إذ الإسلام الذي تنسب إليه تلك الحضارة دين عالمي جاء للإنسان أو للناس كافة، فكان من أثر ذلك أن سرت نزعة إنسانية في أوصال تلك الحضارة شكلت لحمتها وسداها، وكان من مكونات تلك النزعة الفقه الإسلامي. منهج الدراسة: اقتضت طبيعة البحث أن أسلك عدة مناهج، المنهج المقارن ثم المنهج التحليلي، وسبق ذلك المنهج الوصفي من خلال عرض الفروع الفقهية كما هي قبل الشروع في المقارنة والتحليل، أما خطة الدراسة: فقد قسمت البحث إلى: مقدمة، وتمهيد، وثلاثة مطالب، وخاتمة