التنمية المستدامة هي تلك التنمية التي تأخذ في اعتبارها البعدين الاجتماعي والبيئي إلى جانب البعد الاقتصادي، من أجل تلبية حاجات الحاضر دون المساس بقدرة الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتهم. وتحقيق التنمية المستدامة بهذا المفهوم يعد تحديًا حقيقيًّا، يواجه الدول والمجتمعات في العصر الحديث؛ لذا يحظى هذا الموضوع بالاهتمام المتزايد من قبل: القادة والمفكرين والاقتصاديين والقانونيين وعلماء البيئة، كل ينظر إليه من زاويته، من أجل وضع رؤى مستقبلية محددة الأهداف، ثم السعي في سبيل تحقيقها. فقد انتشر مصطلح التنمية المستدامة انتشارًا واسعًا؛ حيث أصبح مصطلحًا عالميًّا، يتم استخدامه من قبل كافة المنظمات والمؤسسات الدولية، وفي كافة المحافل والمجالات والأنشطة، وفي مصر كذلك أصبح هذا المصطلح يتردد بكثرة، سواء على المستوى السياسي أو القانوني أو الاقتصادي أو العلمي؛ فأضحى تُعْقد له المؤتمرات العلمية والندوات التثقيفية وورش العمل.. إلخ. ولقد ربط الدستور المصري الحالي بوضوح تام بين التنمية وبين الحفاظ على حقوق الأجيال القادمة، وهذا الربط كان حاضرًا في العديد من مواده، وهذا يؤكد على أن معالم فكرة التنمية المستدامة وفلسفتها، كانت واضحة لدي واضعي الدستور. لذا؛ فإننا تتناول من خلال هذه الدراسة فكرة التنمية المستدامة من الناحية الدستورية، وبحث مدى ترسيخ دستور مصر الصادر في عام 2014 لمضمون وأبعاد تلك الفكرة؛ فهذا الدستور قد كرَّس– لأول مرة- لهذه الفكرة، فأصبحت بموجب هذا التكريس حقًّا من الحقوق الدستورية المكفولة لجميع المواطنين باختلاف فئاتهم وطوائفهم، دون استثناء أو تمييز.