خلق الله تعالى عباده مكرمين مكلفين بأنواع شتى من التكاليف ووعد الطائعين المخبتين منهم بالأجر الجزيل والثواب العظيم وخص ذوي الأعذار بفضائل ومكارم تفوق ثواب غيرهم من الأصحاء المقصرين، ومما ورد في ذلك ما ثبت من سنة النبي r بعظم أجر الصلاة للمبتلى بالعزلة أو السعي في الفلاة إذ ضوعفت لهم أجورهم قدر خمسين مرة على غيرهم في الحضر مع بيان اختلاف العلماء في تحديد المقصود من ذلك هل عبادة الفرد مقابل مثله أم عبادة الفرد في مقابل جماعة الحضر، ومع الاختلاف في ذلك فعلى أقل التقديرات هو مضاعفة للثواب بما يحبّب هؤلاء المبتلين في الدين ويحملهم على التقرب إلى الله تعالى ابتغاء كرمه وثوابه، وبينت في البحث أقسام المبتلين بالعزلة من ذوي الإصابات الحائلة بينهم وبين حضور الجماعات وكذا الضعفاء من خلقه كالنساء، وأيضا الرعاة والقاطنين على حدود الدولة وثغورها وممن شابههم من المطلوبين للجهاد والمرابطة في تلك الأماكن النائية، وكذا المبتلين بأكثر من سبب مع حاجة المجتمعات والرعية إليهم، وكذا من مالت نفسه لعزائم الأمور وتنافرت اتجاهاته الفكرية مع علماء عصره وكان ممن يساهم في تكدير صفو مجتمعه مع عدم سلامة مجتمعه من أذاه وكذا عدم سلامته من إيذاء مجتمعه له، فمثل هؤلاء تطبيقا للقواعد العامة وأصول الشريعة الغراء ينبغي مراعاة كلّ منهم لما يليق بحاله مع حسن ظنهم برب العزة وعظيم ثوابه وجميل ستره وعونه وتيسيره .