يتناول هذا البحث قاعدة الاختصاص القضائي الدولي بالتحليل والتأصيل، حيث يستعرض التوجهات الفقهية والقضائية التي تتعلق بتطبيق وتفسير تلك القاعدة، ومدى ارتباطها وتأسيسها على فكرتي السيادة والاقليمية، وكذلك طابعها الوطني المبني على منهجية صياغتها بشكل أحادي من قبل المشرع المصري.

ويثير البحث عدة تساؤلات حول استقرار هذه الأفكار في ظل اجتياح الأبعاد الدولية لقاعدة الاختصاص القضائي الدولي، ومن ثم فتح الباب حول أفكار جديدة لتطبيق وتفسير تلك القاعدة، ومن هذه الأفكار مبدأ الملائمة، والذي يعمل في اطار دولي يعتمد على تأثير مسألة الاختصاص القضائي في المجال الدولي، والنظر الى هذه المسألة نظرة موضوعية مرتبطة بنهايات العدالة بالنسبة للخصوم، وذلك دون تمسك مفرط بالسيادة الاقليمية، فهل يمكن أن نجد سنداً فقهياً وقضائياً لتطبيق الملائمة أمام المحاكم المصرية أم أن الأمر محسوم لصالح بناء قاعدة الاختصاص القضائي الدولي على إساس السيادة الاقليمية فقط، حيث تتباين أحكام محكمة النقض المصرية بخصوص هذه المسألة، فمنها أحكام ترتكز بصقة أساسية على مبدأ السيادة الاقليمية وبالتالي تتوسع في اعتبار كافة قواعد الاختصاص القضائي الدولي متعلقة بالنظام العام، لكن بعض الأحكام الحديثة بدأت تأخذ في اعتبارها التطورات الحادثة في مجال الاختصاص القضائي الدولي لتعلي من أفكار الملائمة الدولية في هذا المجال، فهل يمكن أن نؤسس لنظرية عامة للملائمة في مجال الاختصاص القضائي الدولي، هذا ما سوف نجيب عليه من خلال هذا البحث.