كان نزول القرآن الكريم على محمد [r] بلغته الصافية وتراكيبه الباهرة موردًا لكثير مِن الدراسات، نظرتْ في القرآن الكريم نظرات استنطقتْ فناءاته اللغوية والنحوية والأدبية والبلاغية، ومنهلًا لروّاد سعوا إلى خدمة لغته المباركة وحاولوا بيان ألفاظه وتوسلوا مقاصده ومعانيه وشرحوا غريب صوره وألفاظه، مِن هنا سعيت نحو التوازي بوصفه واحدًا من الظواهر القرآنية المبرزة، فالتوازي معنى جامع لعلوم لغوية وأدائية شتى إذ تنسجم أساليب وسياقات نحوية مرتسمة على شكل متواليات لغوية تنظم إلى بعضها على هيئة أنماط سياقية فنية متسقة يبرزها النظم شكلًا وإيقاعًا، ولأن هذه الأنماط لا ينتظمها في بنائها التركيبي سوى هيكل نحوي محدد يحاول أن يرتسم العلاقة بين النحو والأداء من جهة وبين النظم والممارسة الإيقاعية المتسلسلة المتوالية من جهة أخرى، رأيت أن التوازي التركيبي يُشكل مدخلًا يكاد يكون حديثًا  يجدد تلك العلاقة المستديمة المتحدة في تشكيلة النسق القرآني.
 ذلك أن التوازي منهج بحثي علمي قرآني شائع في نظمه وفي إيقاعه وهو معنى جامع يسهم في بناء وحدة النص ضمن سياق إيقاعي معين يُشكل اعتداله وهبوطه وربّما تصاعده بواسطة دالات لغوية معينة تتضافر مع الإيقاع لإبراز التوازي بوصفه ظاهرة لغوية دلالية تدرس متواليات اللغة وفق مديات إيقاعية معينة هي نفسها تكون جرسًا صادحًا للغة القرآن في تناسق آياته وتناسبها وانسجامها على هذا النحو الخاص، فالتوازي يعمل على وضع الجمل داخل النص في حالة متوازنة كما يعمل الشعر؛ لأنّ المقاطع المعتدلة تقع من النفس موقع الاستحسان، فجماله نابع من حسن السبك وجودة التأليف وخفته على الأذن، فهو مفاجأة صوتية تثير الذهن وتوقظ الفكر؛ مما يزيد في إيضاح المعنى وإدراكه لدى المتلقي.
 ووقف البحث في الخاتمة على أهم النتائج التي تَوصَّلْتُ إليها، ومن ثَم انهيت البحث بقائمة ضمت أهم المصادر والمراجع التي اسْتَعَنْتُ بها، واقتضت طبيعة المادة التي قمت بدراستها أن لا يكون البحث إحصائيًا، إذ أن الموضوع تتشاكل جوانبه وتتداخل تداخلًا واضحًا ضمن سورة العاديات، فحاولت جاهدة أن أقلل من حدة التداخل المشكل القائم بين فقراته، بأن لجأت إلى الأقرب في اتساق دلالة البنية على المتوالية المحددة لتشكيلة التوازي التركيبي، واكتفى البحث النحوي أن يكشف عن دلالة التركيب وبيان المحاور الرئيسة فيه مع مراعاة تناسق المسائل النحوية واللغوية لأنّ التوازي التركيبي يقوم على الموازنة بين المتواليات المتوازية لإظهار ما فيها من مواطن حسن وجمال وصولًا إلى الانسجام والترابط والوحدة بين المتواليات.