يحاول هذا البحث دراسة (تقنيات الحِجَاج ودوره الفني في رسالة الرد على ابن النغريلة لابن حزم الأندلسي)؛ فيتخذ من مضمون الرسالة متنًا له، ويسعى للكشف عن القضايا الفكرية، والعقلية التي حملها خطاب الرسالة من خلال أقوال ابن النغريلة اليهودي، وردود ابن حزم عليها، مع عرض تفصيلي لتلك القضايا، وإظهار الأدلة والبراهين المختلفة التي اعتمد عليها ابن حزم في ردوده، ثم العمد إلى الأدوات اللغوية، وتقنياتها، بما تحمله من دلالات وأساليب، وروابط وعوامل حِجَاجية، وكذلك الأدوات البلاغية المتمثلة في بيانها، فضلًا عن تقنيات الاستشهاد المتمثلة في التناص. والتي سخرها ابن حزم في محاولة فكرية لدحض رؤى ابن النغريلة وأفكاره، ومنزهًا القرآن الكريم عن افتراءات الرجل، التي تتمثل في التعارض، والتناقض، ومخالفة الواقع.
يدور البحث حول ثلاثة مباحث، يسبقها تمهيد عن التعريف بابن حزم، وابن النغريلة، والحجاج؛ مفاهيمه ومضمونه، تمثل أولها في: قضايا الحجاج الفكري في الرسالة بين القول والردود عليه، بما يثبت الرؤية الصحيحة التي تدحض افتراءات ابن النغريلة، ومزاعمه، وثانيها: تقنيات الحجاج اللغوي، بما يتضمنه من أساليب، ومحسنات بديعية، وأدوات، اعتمد عيها ابن حزم كوسيلة في عملية التواصل اللغوي، ومن ثم التأثير، وإقامة الدليل، وثالثها: تقنيات الحجاج البلاغي والتناص، بما تتضمنه البلاغة من فنون البيان التي تساهم في الإقناع، ودور التناص في تأكيد الرؤية ودعمها، ودحض الرؤية الضدية للآخر.
ومن أهم نتائج البحث: سعى ابن حزم إلى إدحاض أقوال ابن النغريلة، وزعمه في الآيات؛ ويرجعها جميعًا لعدم فهمه، وأخذه بالظاهر من القول، دون الرجوع للتفسير، أو الرغبة في التوضيح، ويبرهن على عكسية معتقده، وظنه، وزعمه الباطل، من خلال تقديم البراهين المتعددة، والتي ترجع في مضمونها إلى العوامل اللغوية، والصيغ البلاغية.