لقد فرضت ثورة المعلومات والاتصالات على المؤسسات إيجاد طرق حديثة إبداعية والتخلص من الطرق والإجراءات التقليدية من خلال إيجاد أشخاص مبدعين، وتوفير الوسائل المناسبة لتحقيق الرضا لديهم.
وتعتبر المؤسسات التعليمية أحد تلك المؤسسات المليئة بالطاقات المبدعة والخلاقة والمؤهلة التي إذا ما أتيح لها المجال تستطيع أن تفجر الطاقات الكامنة لدى العاملين بها، وإتاحة الفرصة لهم للبحث عن الجديد في مجال العمل والتجديد المستمر لأنظمة العمل بما يتفق والتغيرات المحيطة، الأمر الذي يتطلب من إدارة تلك المؤسسات أن تعيد النظر في أساليبها التقليدية المتبعة في أدائها لأعمالها، وتتبنى أساليب إبداعية جديدة في ضوء تلك المستجدات والتطورات والعمل على حسن استغلال الموارد البشرية المؤهلة وفتح المجال للمبادأة والابتكار.
ويعد الرضا الوظيفي من أهم الموضوعات التي تتم دراستها في إطار السلوك التنظيمي؛ لكونه يتعلق بكيفية تحليل وفهم السلوك البشري في المؤسسات كافة، وذلك من أجل معرفة كيفية التأثير عليه بالشكل الذي يحقق للمؤسسات أقصى عائد من قدرات الأفراد ومهاراتهم عن طريق تحفيزهم وتدريبهم وتنمية روح الإبداع والمبادرة لديهم، ذلك أن معرفة اتجاهات العاملين وقيادتها بالاتجاه الصحيح يشكل فرصة ذهبية للمؤسسات للنجاح والتميز في عصر يعد العنصر البشري من أهم أصول المؤسسة، ومصدر تفوقها الأول (الحويطي: 2018، ص ص 516-547).
ولقد نال موضوع الرضا الوظيفي في المجال التربوي عامة والرضا الوظيفي للمعلم على وجه الخصوص أهمية كبرى باعتبار المعلم المحرك الأساسي للعملية التعليمية، وباعتباره عضوًا مهمًا في إحدى المؤسسات التعليمية المهمة وهي المدرسة التي تقع على عاتقها مسؤولية إعداد أفراد الوطن (غازي: 2016، ص ص 71-95).
وتحتم الظروف المتغيرة التي تعيشها المؤسسات اليوم سواء كانت ظروف سياسية أم ثقافية أم اجتماعية أم اقتصادية الاستجابة لهذه المتغيرات بأسلوب إبداعي يضمن بقاءها واستمرارها لذا لا بد لقادة تلك المؤسسات أن يديروا مؤسساتهم بأساليب مختلفة تساعد على تفجير الطاقات الإبداعية لمرؤوسيهم، وأن يعملوا على تهيئة بيئة تنظيمية تشجع الأفراد على تقديم أفكارهم ومساهماتهم الإبداعية وتجريبها حتى يصبح الإبداع ثقافة مؤسسية مشتركة لجميع أفراد المؤسسة (السعيدي: 2014، ص 87) .
وفي ضوء ما سبق تسعى الدراسة إلى تحقيق الرضا الوظيفي في ضوء مدخل الإبداع الإداري باعتبار أن الموارد البشرية داخل المؤسسات التعليمية هم المسؤولون عن تحقيق أهدافها المنشودة.