الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وبعد.
لقد تنوعت القراءات المخالفة لرسم المصحف وخصوصا ما يسمى بالقراءات التفسيرية منها، وهذا التنوع يجعل لها أهمية بالغة في إثراء المعنى الذي يجعل الباحثين يحيطون بالجوانب اللغوية والتفسيرية والفقهية؛ بسبب التنوع الظاهري لهذه القراءات، وتعانقها الباطني على أداء معاني وحي الله المنزل، وشمول هذه المعاني وعمقها، وتنوع أطيافها وألوانها، كما أن الموضوع يبرز وجهًا من وجوه إعجاز القرآن من خلال القراءات المتواترة وغير المتواترة.
وهذا بحث موجز للقراءات المخالفة لرسم المصحف في سورة النور، وفيه ست مسائل وقبلها مقدمة وبعدها خاتمة، وقد توصلت من خلاله إلى عدة نتائج منها ، أهمية كتاب الدر المنثور في جمع ما ورد عن الصحابة من قراءات، وإن هذا الاختلاف في بعض القراءات ليس اختلاف تعارض وتناقض، إنما هو اختلاف تنوع وتعاضد، يصدق بعضه بعضاً، ويبين بعضه بعضًا، ويشهد بعضه لبعض، وهذا الاختلاف يعد نوعًا من أنواع الإعجاز القرآني، فالكلمة الواحدة حين تتعدد قراءاتها تتعدد المعاني وتتسع، فيقوم ذلك مقام آيات أخري, فهذا إعجاز في إيجاز, فسبحان منزل الكتاب.