يبرز مفهوم العدالة التربوية كقيمة عظمى من قيم الديمقراطية مقترنًا بقيم الحرية والمشاركة والإنصاف، ولم يصبح هذا المفهوم شأنًا مجتمعيًا خطيرًا إلا بعد أن حسمته قرون من الصراعات والمنازعات المحلية والعالمية، وقد كان لدراسة التجارب التاريخية التي تجسّد هذا المفهوم، ولا سيما تلك التي تخصُّ عهد الخلفاء الراشدين، دورًا مهمًا في إبراز المؤشرات المختلفة للعدالة التربوية حيث الفهم العميق لجذورها في التراث الإسلامي. واستهدف البحث الحالي بيان بعض مؤشرات العدالة التربوية عند عمر بن الخطاب من خلال تحليل بعض الكتابات العربية التي تناولت سيرته، استنادًا إلى المنهج التاريخي وأسلوب التحليل الفلسفي.  وتمثلت عينة البحث في أربعة كتب، وهي: عندما التقيت عمر بن الخطاب لأدهم الشرقاوي، والفاروق عمر لمحمد حسين هيكل، وعبقرية عمر لعباس محمود العقاد، ومناقب أمير المؤمنين لابن الجوزي. وتوصل البحث إلى مجموعة من المؤشرات التي تمثل محتوى "إطار شامل" للعدالة التربوية في ذلك الوقت؛ جاء على رأسها ارتباط العدالة التربوية في عهد عمر بمفاهيم أوسع من مجرد التعليم، فقد كانت جزءًا من منظومة شاملة متكاملة للعدالة الاجتماعية تأخذ في الاعتبار جميع الجوانب المتعلقة بالتربية والمجتمع، وتنوعت مؤشرات العدالة التربوية عند الفاروق لتشمل الوصول إلى التعليم، مؤشرات النوعية والجودة، النتائج التعليمية، التوزيع العادل للموارد، الشمولية، المسئولية المالية والتمويل وضمان حقوق المعلمين والمتعلمين، وقد تحول مفهوم العدالة التربوية عند الفاروق من المسار الإبستيمولوجي المعرفي إلى الحدث الأنطولوجي أو الواقع الفعلي. وقدم الباحثان مجموعة من الإجراءات التي قد تسهم في تعديل ما شوهته النظم التربوية بشأن تطبيق العدالة، ليبقى السؤال: متى سيكون "الإطار" البديل حول العدالة التربوية في نظام التعليم المصري؟