يدرس البحث الاستجابة البليغة للخطابات السلطوية في عينة من الأجوبة المسكتة، مأخوذة من كتابين هما (الأجوبة المسكتة) لابن أبي عون، و(الهفوات النادرة) لابن هلال الصابئ. يفحص البحث أساليب نقد خطابات القهر السياسي، والعنصرية ضد السود والعبيد، والتمييز ضد المرأة، وتحقير اليافعين، والتنمر على ذوي الاحتياجات الخاصة، والتمييز في الألقاب، وخطاب النفاق. تُحاجُّ الورقة بأن المهمشين والمقهورين من الأسرى والعبيد وصغار السن والنساء في العينة المدروسة تمكَّنوا من نقد خطابات القهر والتمييز والعنصرية والتحقير التي تعرضوا لها، ومقاومتها، بوساطة إنتاج استجابات بليغة مضادة. يتحقق في المدونة المدروسة شرطان؛ (1) أن تشتمل على شكل من أشكال الظلم. (2) أن تحتوي على استجابة بليغة. يتكسف البحث كيفية إنتاج هذه الاستجابات، وخصائصها، ووظائفها، وآثارها، مستعملة منهجية تدمج بين التحليل النقدي للخطاب المعني باستكشاف العلاقة بين الخطاب والسلطة، وبلاغة الجمهور المعنية بدراسة استجابات الجمهور للخطابات السلطوية.
يكشف تحليل الاستجابة البليغة في الكتابين عن أنها تشترك في سمات؛ منها أنها جميعًا استجابات عقلانية، تستند إلى محاجَّة رصينة. كما أنها موجَزة، مباشِرة، غير مشغولة بأن يكون القول جميلا قدر انشغالها بأن يكون القول فعالا. كذلك، فإنها تشترك في تجاهلها لبُعد مهم من أبعاد المقام التواصلي هو بُعد تفاوت السلطة بين المتكلم والمخاطَب. فهي تتجاهل أعراف التواصل وضوابطه التي تفرضها المجتمعات السلطوية على مخاطَبة العبد للسيد، والسجين للحاكم، والفرد العادي للإمبراطور، والصبي للشيخ، لا سيما الصمت، والخضوع، وعدم المخالفة. وبدلا من ذلك، تنحاز إلى ممارسة حرية القول، والصمود، والكرامة، وبلاغة التعبير عن الذات. وأخيرًا، فإن هذه الاستجابات تشترك في أنها تمنح منجزيها قوة استثنائية تمكنهم من قلب موازين القوة، في شكلٍ من أشكال الثأر بالكلمات.