تهدف هذه الدِّراسةُ إلى استكشاف مفهوم «الإشهاد الإلهي» وعلاقته بـ«المعرفة الفطريَّة» ومفهوم «الفِطْرة»، من خلال تحليل تأويلَيْن بارزَيْن في الفكر الإسلامي: تأويل ابن تَيمِيَّة، والنظرية الائتمانية.
وتتكوَّن الدِّراسةُ من عدَّة عناصر أساسية، هي: تعريفُ الفطرة، وخصائص المعرفة الفطرية، وعلاقتُها بالشريعة والعقل، وتأويل نص الإشهاد، والعلاقة بين ميثاق الإشهاد والفطرة، وعلاقة الفطرة بكلٍّ من العقل والشريعة.
استخدمت الدِّراسةُ المنهجَ التحليليَّ المقارِن لتسليط الضوء على الفُروقات الجوهرية بين التأويل التَّيمِيِّ الذي يركز على التفسير الواقعي للنُّصوص، والتأويل الائتمانيِّ الذي يحافظ على الطابَع الغَيبيِّ والميثاقيِّ لها، كما اعتمدت المنهجَ النقديَّ لتحليل العلاقة بين المعرفة الفطريَّة والإشهاد الإلهي، ومقارنة التصوُّرات المختلفة للعقل والفطرة.
وانتهت الدِّراسةُ إلى العديد من النتائج؛ أهمُّها: أن ابن تَيمِيَّة يرى «الإشهاد» حدثًا حِسِّيًّا يرتبط بمفهوم «الأخذ من ظهور الآباء»، بينما يُفسِّره التأويلُ الائتمانيُّ على أنه «إشهادٌ غيبيٌّ» يُبرز ارتباط النصوص بالعوالم الغيبية. وبالنسبة للفطرة، اعتبرها ابنُ تَيمِيَّة معرفةً ضروريةً مغروسةً في النفس البشرية، تشمل الإقرارَ بالرُّبوبية والعبودية، وتحتاج الشرائع لتفصيلها، في حين ترى النظريةُ الائتمانيةُ أن الفطرة تتضمَّن جميع الصفات الإلهية، وتُذكِّر بها الشرائع. كما أبرزت الدِّراسةُ أن العلاقة بين الفطرة والعقل عند ابن تَيمِيَّة تقوم على التداخل والتكامل؛ حيث يَدْعَمُ كلٌّ منهما الآخر للوصول إلى المعرفة الحقَّة، بشرط سلامة الفطرة. أما النظرية الائتمانية فتضع «العقل المُسدَّد» أداةً لفهم النصوص الغيبية، مقارنة بـ«العقل المُجرَّد» المستخدم في التأويل الحِسِّي.